وجاءت الأخبار بوصول التتار إلى سرمين، وخرج الشيخ نجم الدين بن القرافي، وابراهيم الرقي، وابن قوام، وابن تيمية، وابن حيان إلى نائب السلطنة الأفرم، فقووا عزمه على ملاقاة العدو، واجتمعوا بمهني أمير العرب، فأجابه إلى السمع والطاعة، وقويت نياتهم على ذلك، وخرج طلب الأمير سلار من دمشق إلى ناحية المرج، واستعدوا للحرب والقتال بنيات صادقة.
ورجع ابن تيمية من الديار المصرية في السابع والعشرين من جمادى الأولى على البريد، وقد أقام بقلعة مصر ثمانية أيام، واجتمع بالسلطان والوزير وأعيان الدولة وحرضهم، فأجابوه، وكان الشيخ قد خرج من الشام مستهل جمادى الأولى، وقد غلت الأسعار بدمشق جداً حتى أنه بيع خروفان بخمسمائة درهم، واشتد الحال جداً.
ثم رحل السلطان ببقية العسكر وتوجهوا إلى مصر، فوصل السلطان إلى قلعة الجبل في عاشر جمادى الأولى، وكان العود أحمد وأولى.
فقال الناس: العود أحمد، وقال بعض المحدثين:
وأَحْسَنَ فيما كان بَيْني وبَيْنَهُ ... فإِنْ عاد بالإِحْسان فالعَوْدُ أحْمَدُ
خَالِفْ تذْكَرْ
قال المفضل بن سلمة: أول من قال ذلك الحُطَيئة، وكان ورَد الكوفة فلقي رجلا فقال: دُلَّني على أفتى المصر نائلا، قال: عليك بعُتَيْبَةَ بن النَّهَاس العِجْلي، فمضى نحو داره. فصادفه، فقال: أنت عتيبة قال: لا، قال: فأنت عَتَّاب قال: لا، قال: إن اسمك لشَبِيه بذلك، قال: أنا عتيبة فمن أنت قال: أنا جَرْوَل، قال: ومن جَرْوَل قال: أبو مُلَيكة، قال: والله ما ازْدَدْت إلا عَمًى، قال: أنا الحُطَيئة، قال: مرحَباً بك، قال الحطيئة: فحدثْنِي عن أشعر الناس مَنْ هو، قال: أنت، قال الحطيئة: خالِفْ تُذْكَرْ، بل أشعر مني الذي يقول:
ومَنْ يَجْعَلِ المَعْرُوفَ من دون عِرْضِهِ ... يَفِرْهُ، ومَنْ لا يَتَّقِ الشتمَ يُشْتَمِ
ومن يَكُ ذا فَضْلٍ فَيَبْخَلْ بفَضْلِهِ ... على قومِهِ يُسْتَغْنَ عنه ويُذْمَمِ
قال: صدقت، فما حاجتك قال: ثيابك هذه فإنها قد أعجبتني، وكان عليه مُطْرَف خزوجبة خز وعمامة خز. فدعا بثيابٍ فلبسها ودفع ثيابه إليه، ثم قال له: ما حاجتك أيضاً قال: مِيرَةُ أهلي من حَبٍّ وتمر وكسوة، فدعا عَوْناً له فأمره أن يَمِيرَهم وأن يكسو أهله، فقال الحطيئة: العَوْدُ أَحْمَدُ ثم خرج من عنده وهو يقول:
سُئِلْتَ فلم تَبْخَلْ ولَمْ تُعْطِ طَائِلاً ... فسِيَّانِ لا ذَمٌّ عَلَيْكَ ولا حَمْدُ
المثل في كلام النساء
قال بندار بن عبد الله حدثني أبو موسى الطائي الأعرابي قال تذاكر نسوة الأزواج فقالت إحداهن: الزوج عزٌ في الشدائد وفي الرخاء مساعد إن رضيت عطف وإن سخطت تعطف. وقالت الأخرى: الزوج لما عناني كاف ولما شفني شاف رشفة كالشهد وعناقه كالخلد لا يمل عن قرب ولا بعد. وقالت الأخرى: الزوج شعار حين أصرد يسكن حين أرقد ومني لذتي شف مفرد وما عاد إلا كان العود أحمد. وقالت الأخرى: الزوج نعيم لا يوصف ولذة لا تنقطع ولا تخلف.
فوائد العمل بهذا المثل
هناك الكثير من أمثال العرب التي ردها الإسلام لمنافاتها لمبادئه ولكن العمل وترديد هذا المثل يتفق مع هدف الشريعة من حيث إن العود للحق والعودة للخير والمعروف والصلح دائما يكون أحمد وتمني أن يكون العود والرجوع أحمد من السابق أمر يحث عليه ديننا فهو من عادات العرب القولية التي أقرها الإسلام
* استشعار إلى أي مدى كان العرب البلغاء يحبون الفأل الحسن للمستقبل وهذا ما يحث عليه ديننا أن العبد المؤمن يرغب دائما فيما عند الله ويتطلع للخير ويسعى جاهدا لتحسين حاله ومقاله
* فيه الترغيب في الاستبشار
* والواجب التفاؤل بالعود إذ العود أحمد
تم بحمد الله،،،
ـــــــــــــــــ
المراجع:
(1) إعراب القرآن وبيانه
(2) لسان العرب
(3) التحرير والتنوير
(4) المستقصى في أمثال العرب
(5) شعب الإيمان
(6) تفسير ابن كثير
(7) تفسير الشوكاني
(8) الوافي بالوفيات
(9) معجم الأدباء
(10) الشعر والشعراء
(11) النهاية لابن الأثير
(12) نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم
(13) عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان
(14) بلاغات النساء
(15) معجم الأمثال
ـ[عبدالله عمر الخطيب]ــــــــ[25 - 11 - 10, 04:39 م]ـ
جزاك الله خيرا