تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[من الأخطاء اللغوية الشائعة استعمال لفظ البسيط للدلالة على الأمر السهل واليسير وغير ذلك]

ـ[أشرف السلفي]ــــــــ[08 - 12 - 10, 09:45 م]ـ

بسم الله الرحمان الرحيم

الحمد لله رب العالمين؛ والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للناس أجمعين، محمد بن عبد الله الرسول الأمين؛ وبعد: لقد كنت أود – منذ وقت طويل – كَتْبَ شيء عن أخطاء كثير من الناس – بل أكثرهم – في استعمال كلمة " بسيط "، ومن أخطائهم – في ذلك – قولهم:

1 - هذا رجل بسيط، ويعنون بذلك أنه مغفل.

2 – هذا خطأ بسيط، ويعنون بذلك أنه صغير.

3 – هذا كتاب بسيط، ويعنون بذلك أنه سهل، وغير ذلك، وهذا كله خطأ، غير صحيح، ورحم الله الإمام أبا الحسن علي بن أحمد النيسابوري الشافعي الواحدي الذي ألف في التفسير ثلاثة كتب، سمى الصغير منها (الوجيز)، والمتوسط (الوسيط) والكبير (البسيط)، وكذلك فعل أبو حامد الغزالي في كتبه الثلاثة الفقهية.

قلت: كنت أريد الكتابة في ذلك، ولكن كان يبعدني عنها الصوارفُ والشواغلُ. ولما دخلت اليوم على شبكة المعلومات العنكبوتية وجدت بعضَ الإخوة ينفي هذا الخطأ المشار إليه، ويصحح ذلكم الاستعمال الخاطئ ويسوغه؛ فوقع في نفسي: الكتابة في ذلك، والرد على ذلك الأخ!، ولكن لضيق الوقت عن الكتابة اكتفيت بنقل كلام نفيس لأحد العلماء ممن تكلموا عن هذا الخطأ الشائع الذائع المنتشر. ولعل فيما نقلته كفايةً، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

قال الشيخ العلامة تقي الدين الهلالي – رحمه الله – في كتابه الشائق (تقويم اللسانين) ص (32 - 34) طبعة مكتبة المعارف / الدار البيضاء / المغرب / الطبعة الثانية، أو (29 - 30) طبعة دار الكتاب والسنة / القاهرة / مصر / الطبعة الأولى، أو ص (27 - 28) من مجلة (دعوة الحق) السنة العاشرة، العدد السادس والسابع، سنة 1387 هجرية: البساطة: يقال: هذا شيء بسيط، وتكلم ببساطة، وهذا لا يعتقده إلا البسطاء = وذلك كله خطأ.

قال صاحب اللسان: ورجل بسيط: منبسط بلسانه، وقد بسط بساطة. الليث: البسيط المنبسط اللسان، والمرأة بسيط، ورجل بسيط اليدين: منبسط بالمعروف، وبسيط الوجه متهلل، وجمعهما: بسط.اهـ.

أقول (القائل هو الهلالي): فقد رأيت أن البسيط والبساطة لا يدلان على ما يريد الكُتَّاب بهما؛ فإنهم يريدون بالبسيط من الناس: الغِرَّ والمغفل، ويريدون بالبسيط من الأمور: السهلَ الهينَ = وذلك كله بعيد عن استعمال العرب، بل هو ضده؛ لأن البسيط في اللغة العربية = هو الواسع، ومن أجل ذلك سميت الأرض البسيطة لسعتها.

والبساطة كما تقدم في كلام العرب طلاقة الوجه، وأصل هذا الخطأ آت من اصطلاح الأطباء في تسميتهم الدواء الذي هو من مادة واحدة بسيطا، ويقابله: المركب الذي يتألف من أجزاء، كل جزء من مادة.

وقد استعمله الفلاسفة - أيضا - فقسموا الجهل إلى قسمين: جهل بسيط، وجهل مركب؛ فالجهل البسيط هو أن يكون الشخص جاهلا، ويعلم أنه جاهل، والجهل المركب أن يكون الشخص جاهلا، ويجهل أنه جاهل؛ فجهله مركب من جهلين.

قال بعض الشعراء على لسان حمار الطبيب توما:

قال حمار الحكيم توما /// لو أنصفوني ما كنت أُرْكب

لأن جهلي غَدَا بسيطا /// وراكبي جهلُه مُركب

ومما يحكى من أخبار هذا الطبيب أنه قرأ في كتاب " الحبة السوداء شفاء من كل داء "؛ فقرأها خطأً " الحية السوداء شفاء من كل داء "؛ فأخذ حية سوداء وصار يعالج بها المرضى؛ فكانوا يموتون من سمها.

وليس بالكاتب حاجةٌ إلى أن يترك اللغة الفصحى، ويستعمل اصطلاحا طبيا؛ ليعبر به عما يريده، إلا إذا كان بَاقِلِيًّا من أهل العَي والحصر.

وقد ارتقى الكاتب من ذلك إلى خطأ آخر، وهو استعمال التبسيط؛ فيقولون: كتاب مبسط، يعني: أنه ألف بلغة سهلة غير معقدة. ويقولون: يجب تبسيط قواعد النحو، أي تسهيلها وتيسيرها، فانتقلوا من خطأ إلى خطأ؛ لأن التبسيط هو التوسيع؛ فهو بمعنى القتل، أي كثرته، وفعل المضاعف إذا اشترك مع الثلاثي في معنى واحد دَلَّ الرباعي على الكثرة والمبالغة في اللغة العربية، وفي أختيها العبرانية والآرامية.انتهى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير