[معنى عبارة أرغم الله أنفك في اللغة ولماذا الأنف؟!]
ـ[هشام الهاشمي]ــــــــ[01 - 12 - 10, 05:17 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
لغتنا العربية لغة الفصاحة والبيان، لغة القرآن الكريم، والأحاديث المروية.
لغة فتية قوية حية متجددة، ألفاظها واضحة محددة، وكل كلمة تؤدي وظيفة معينة في الجملة. والكلمات في اللغة العربية ترتبط ارتباطا خاصا ولها في بعضها تأثير خاص، ولا يُفهم معنى الكلام العربي إلا إذا استطعنا أن نحدد حالة الكلمة وانتظامها في سياق الكلام.
يقول الثعالبي في فاتحة كتابه فقه اللغة وسر العربية: "من أحب الله تعالى أحب رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم، ومن أحب الرسول العربي أحب العرب، ومن أحب العرب أحب العربية، ومن أحب العربية عني بها وثابر عليها وصرف همته إليها"
وهذا البحث المختصر "أرغم الله أنفك" يلقي الضوء بشكل مختصر على سلامة اللغة العربية ووضوح معانيها وجمال تعابيرها
أسأل الله أن ينفع به وبكم،،،
والله من وراء القصد
أرغم الله أنفك
[معنى عبارة أرغم الله أنفك في اللغة ولماذا الأنف؟!]
"أرغم الله أنفك" أي: ألصقه بالتراب
الرغم: الذل والهوان وأصله لصوق الأنف بالرغام وهو التراب يقال: أرغم الله أنفه أي: ألصقه بالرغام ولما كان الأنف من جملة الأعضاء في غاية العزة، والتراب في غاية الذلة، جعل قولهم رغم أنفه كناية عن الذلة
وقالوا: رغم: الرَّغامُ التُّرَابُ الرَّقيقُ، وَرَغِمَ أنْفُ فُلانٍ رَغْماً وَقَعَ في الرَّغامِ وَأَرْغَمَهُ غيْرُهُ، وَيُعَبَّرُ بذلك عنِ السَّخطِ كقول الشاعر:
إذَا رَغِمَتْ تلْكَ الأُنُوفُ لم أرْضِهَا
وَلَمْ أَطْلُبِ الْعُتْبَى ولكنْ أَزِيدُهَا
فَمُقَابَلَتُهُ بالإرْضَاءِ مِمَّا يُنَبِّهُ دَلاَلَتَهُ عَلَى الإِسْخَاطِ. وَعَلَى هذا قيلَ أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَهُ وَأَرْغَمَهُ أَسْخَطَهُ وَرَاغَمَهُ سَاخَطَهُ وَتَجَاهَدَا عَلى أَنْ يُرْغِمَ أَحَدُهُمَا الآخَرَ، ثمّ تُسْتَعَارُ المُرَاغَمَةُ للمُنَازَعَةِ.
قالَ اللَّهُ تعالى:} يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً {أي: مَذْهَباً يَذْهَبُ إِليهِ إِذا رَأى مُنْكراً يَلْزَمُهُ أنْ يَغْضَبَ منه كقولِكَ غَضِبْتُ إلى فُلانٍ مِنْ كذا وَرَغَمْتُ إِليهِ
رغم: الراء والغين والميم أصلان: أحدهما التُّراب، والآخر المَذْهَب. فالأوّل الرَّغام، وهو التّراب، ومنه"أرْغَمَ الله أنْفَه" أي ألصقه بالرَّغام.
ومنه حديثُ عائشة في الخِضاب: "اسْلِتِيهِ ثمَّ أرغِمِيهِ"، تقول: ألقِيه في الرَّغام، هذا هو الأصل
ثم حُمل عليه، فقال الخليل: الرَّغْم أنْ يفعل ما يكرهُ الإنسانُ، وَرَغَمَ فلانٌ، إذا لم يقدر على الانتصاف
قال: وَالرَّغَام اسم رملةٍ بعينها.
ويقال راغم فلانٌ قومَه: نابَذَهم وخرجَ عنهم.
ويقال: أرغم الله أنفه، خص الأنف لأنه أطلع ما في الوجه، والرغام التراب يراد كبه الله على وجهه فإن أول ما يلصق منه التراب بالأنف
وقالوا: على رغم أنفه، ثم كثر حتى قالوا: على رغمه فألقوه
رغم أنفه لصق بالرغام، وهو التراب ثم استعمل في الذل والعجز عن الالتصاق والانقياد على كره.
قال الطيبي: أي قالت عائشة للرجل: أذلك الله فإنك آذيت رسول الله صلى الله عليه وسلّم وما كففتهن عن البكاء. اهـ.
وهذا معنى قولها رضي الله عنها: (لم تفعل ما أمرك رسول الله صلى الله عليه وسلّم) أي على وجه الكمال في الزجر، وإلا فقد قام بالأمر حيث نهاهن عن الضجر، وما أبعد قول ابن حجر حيث صرف الأمر إلى الحثي في أفواههن). ولم تترك رسول الله صلى الله عليه وسلّم من العناء (بفتح العين المهملة أي تعب الخاطر من سماع ارتكابهن الكبائر، أو الصغائر وعدم انزجارهن بالزواجر) (متفق عليه)
قوله: "أرغم الله أنفك" أي: ألصقه بالتراب، ولم ترد حقيقة الدعاء
"أرغم الله أنفك": أي ألصقه بالرغام وهو التراب وهو إشارة إلى إذلاله وإهانته من العناء بالمد المشقة والتعب من العي بكسر العين المهملة أي التعب كالعناء.
قال القاضي: ووقع عند بعضهم الغي بالمعجمة وهو تصحيف وعند آخرين العناء كالرواية الأولى ويرده أن مسلما روى الأولى أيضا ثم روى الرواية الثانية وقال: إنها بنحو الأولى إلا في هذا اللفظ فتعين أن يكون خلافه.
¥