[مشروعية قول (ولله المثل الأعلى) بعد ضرب المثل]
ـ[فهد بن عبدالله]ــــــــ[28 - 11 - 10, 11:24 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وآله ومن ولاه
تحية طيبه الى الجميع:
الى العارفين أرجو الإفادة عن مشروعية قول بعض الناس (ولله المثل الأعلى)
بعد الانتهاء من ضرب الأمثلة من فعل البشر، لتوضيح مراد أفعال الرب تعالى.
كأن يقول:
فلان من الناس تصّرف في ملكه وماله، وليس لأحد أن يعارضه في ملكه وماله، ولله المثل الأعلى
فالله تعالى يتصرف مايشاء وكيف يشاء فالملك ملكه والمال ماله.
أرجو الافادة والاستفادة ..
ـ[أبو عزام بن يوسف]ــــــــ[29 - 11 - 10, 09:04 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته:
جواب سؤالك أخي الكريم:
إن كان بمثل ما ذكرت في سؤالك أو كقول (كما أن الملك من ملوك الدنيا له أن يتصرف في ملكه كما يشاء _ بلا مخالفة شرعية_ فالله له أن يتصرف في ملكه كما يشاء وله المثل الأعلى فلا يسأل عما يفعل) وكذا بمثل ما سيأتي فلا بأس به وقد ورد نحو ما ذكرت في القرآن:
قال تعالى (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ {الروم/27} ضَرَبَ لَكُم مَّثَلًا مِنْ أَنفُسِكُمْ هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن شُرَكَاء فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَاء تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)
قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى (ضرب لكم مثلا .... ) الآية:
هذا مثل ضربه الله تعالى للمشركين به، العابدين معه غيره، الجاعلين له شركاء وهم مع ذلك معترفون أن شركاءه من الأصنام والأنداد عبيد له، ملك له، كما كانوا في تلبيتهم يقولون: لبيك لا شريك لك، إلا شريكا هو لك، تملكه وما ملك. فقال تعالى: {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلا مِنْ أَنْفُسِكُمْ} أي: تشهدونه وتفهمونه من أنفسكم، {هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ} أي: لا يرتضي أحد منكم أن يكون عبده شريكًا له في ماله، فهو وهو فيه على السواء {تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ} أي: تخافون أن يقاسموكم الأموال.
قال أبو مِجْلَز: إن مملوكك لا تخاف أن يقاسمك مالك، وليس له ذاك كذلك الله لا شريك له ..... الخ
..............................
وقال تعالى (لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَىَ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) {النحل/60}
ويمكن أن يستدل بغير ما سبق لما في سؤالك بقول النبي صلى الله عليه وسلم (إنكم سترون ربكم كما ترون القمر .... ) الحديث وهو في الصحيحين والله أعلم.
ـ[أبو عزام بن يوسف]ــــــــ[29 - 11 - 10, 09:22 م]ـ
قال تعالى {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ * ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا رَجُلا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ * إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ}.
قال السعدي: يخبر تعالى أنه ضرب في القرآن من جميع الأمثال، أمثال أهل الخير وأمثال أهل الشر، وأمثال التوحيد والشرك، وكل مثل يقرب حقائق الأشياء، والحكمة في ذلك {لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} عندما نوضح لهم الحق فيعلمون ويعملون.
{قُرآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ} أي: جعلناه قرآنا عربيا، واضح الألفاظ، [ص 724] سهل المعاني، خصوصا على العرب. {غَيْرَ ذِي عِوَجٍ} أي: ليس فيه خلل ولا نقص بوجه من الوجوه، لا في ألفاظه ولا في معانيه، وهذا يستلزم كمال اعتداله واستقامته كما قال تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا قَيِّمًا}
{لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} الله تعالى، حيث سهلنا عليهم طرق التقوى العلمية والعملية، بهذا القرآن العربي المستقيم، الذي ضرب اللّه فيه من كل مثل.
ثم ضرب مثلا للشرك والتوحيد فقال: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا رَجُلا} أي: عبدا {فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ} فهم كثيرون، وليسوا متفقين على أمر من الأمور وحالة من الحالات حتى تمكن راحته، بل هم متشاكسون متنازعون فيه، كل له مطلب يريد تنفيذه ويريد الآخر غيره، فما تظن حال هذا الرجل مع هؤلاء الشركاء المتشاكسين؟
{وَرَجُلا سَلَمًا لِرَجُلٍ} أي: خالصا له، قد عرف مقصود سيده، وحصلت له الراحة التامة. {هَلْ يَسْتَوِيَانِ} أي: هذان الرجلان {مَثَلا}؟ لا يستويان.
كذلك المشرك، فيه شركاء متشاكسون، يدعو هذا، ثم يدعو هذا، فتراه لا يستقر له قرار، ولا يطمئن قلبه في موضع، والموحد مخلص لربه، قد خلصه اللّه من الشركة لغيره، فهو في أتم راحة وأكمل طمأنينة، فـ {هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلا الْحَمْدُ لِلَّهِ} على تبيين الحق من الباطل، وإرشاد الجهال. {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ}.
ولو استقرأت القرآن والسنة فأظنك تجد غير ذلك بإذن الله.
¥