تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومعرفته جلّ وعلا إنما تكون بهذا العلم الذي بعث به رسوله صلى الله عليه وسلم وأنزله عليه كتابا مبينا وفصلا وهدى ورحمة للناس، ومن هنا فان طالب العلم وهو ياخذ منه او ياخذ بشيء من سبيله وطلبه والنظر فيه فليعلم انه في أشرف المقامات وعلى آثار الانبياء عليهم الصلاة و السلام، وهذا مقام لكونه معلوم من الدين بالضرورة ولكونه مستقرا عند سائر المسلمين، من خاصة المسلمين وعامتهم لا يستطال بالقول في ذكره أكثر من هذا اختصارا للوقت الذي بين يدينا، فهذه المقدمة الاولى في فضل علم الشريعة

المقدمة الثانية: إذا عرفت فضل علم الشريعة فاعلم ان لعلم الشريعة شرطا، وكل علم له شرط، وهذا العلم اعني علم الشريعة له شرط وهو أوجه ثلاثة، ولك أن تقول: وله ثلاثة شروط:

الشرط الاول: الشرط الايماني

الشرط الثاني: الشرط الاخلاقي

الشرط الثالث: الشرط الفقهي

أما الشرط الاول: وهو الشرط الايماني، فيجب ان يكون طلب العلم، أيا كان اسمه مادام انه في جملة علم الشريعة فيجب أن يكون خالصا لله سبحانه، وذلكم أنه عبادة، ومعلوم ومستقر أن العبادة يجب أن تكون خالصة لله سبحانه، فهذا الشرط الايماني: أن يكون العلم خالص لله، كغيره من العبادات واذا كان يقع لك بالادراك أن الصلاة وأن الصيام لابد فيهما من الاخلاص لله سبحانه وتعالى ن وهذا لا يشك فيه مسلم ولا يجهله مسلم، أن الصلاة او الصيام لابد فيها من الاخلاص لله، فإن علم الشريعة كذلك يجب الاخلاص فيه لله سبحانه وتعالى

وينافي هذا الشرط الايماني وهذه القاعدة الايمانية ينافيها امور:

الامر الاول: نقص مقام الاخلاص فيه، كان يكون غرضا لحظ النفس ونحو ذلك، وما ينافي الاخلاص ليس وجها واحدا حتى يحصر، وعن هذا النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم من حديث ابي موسى لما قيل له يا رسول الله ان الرجل يقاتل للمغنم ويقاتل ليرى مكانه ويقاتل شجاعة فأي ذلك في سبيل الله؟ قال صلى الله عليه وسلم في بلاغته وفصاحته وبيانه صلى الله عليه وسلم (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله)

لان المنافي للاخلاص ليس وجها واحدا حتى يحصر، لهذا نقول: المنافي للاخلاص هنا يكون بنقص مقام الاخلاص ن وللالتفات بعلم الشريعة الى غير وجه الله سبحانه وتعالى، ولهذا قال الله تعالى {وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} آل عمران187، هذا هو المقام الاول وهو: حفظه بإخلاصه عملا لله سبحانه وتعالى، وقربة لله وحده، وينافيه نقص الاخلاص او فواته

وينافيه كتمان العلم، وذلكم ان الامم الكتابية المنحرفة عن كتابها وقعت في هذه الاوجه من المنافات قال الله عنهم {وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} آل عمران187، هذا وجه من المنافاة قال {واشتروا به ثمنا قليلا} قال الله بعد ذلك {فبئس ما يشترون}

الوجه الثاني من المنافاة كتمانه قال الله جل وعلا {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} البقرة159، فالعلم علم الشريعة ليس ملكا للانسان، مهما بلغ في العلم مبلغا، فإنه لا يملك هذا العلم كالعلوم المادية، هذا حق لله وحده لا يجوز كتمانه، ويقابل الكتمان في ذم الله له خُلق آخر وقعت فيه بعض الامم الكتابية ايضا وهو: القول على الله بغير علم، ولذلك فإن هذين الخلقين، الذين وقعت فيهما بعض الامم الكتابية وضل فيهما من ضل، يجب على طالب العلم أن يكون معتدلا ومقتصدا في الانفكاك عنهما، فلا يحمله عدم كتمان العلم على الزيادة فيقع في القول على الله بغير علم، ولا يحمله درء القول على الله بغير علم الى الغلو حتى يقع في وجه من كتمان العلم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير