تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن أمثلة ما جاء عن أئمة السنة الذين اختَلفَ النقلُ عنهم في شأن هجر المبتدع: ما جاء عن الإمامِ أحمد (عليه رحمة ُالله) (10) ( http://www.islamtoday.net/questions/show_articles_*******.cfm?id=71&catid=73&artid=8957#19). فلا يصحُّ أن أنتقي من أقواله ما أهوى دون ما لا أهوى، ولا أن أنسب إليه مذهبًا بناءً على قولٍ دون موازنته ببقية أقواله.

وممن حرّر مذهب الإمام أحمد في شأن هجر المبتدع: شيخُ الإسلام ابن تيمية، حيث ذهب هو أولاً إلى أن هجرَ المبتدعِ خاضعٌ حُكمُه للمصلحة (11) ( http://www.islamtoday.net/questions/show_articles_*******.cfm?id=71&catid=73&artid=8957#21)، بل قال (رحمه الله): «وهذا الهجر يختلف باختلاف الهاجرين: في قوّتهم وضعفهم، وقلّتهم وكثرتهم؛ فإن المقصودَ به زَجْرُ المهجورِ وتأديبُهُ, ورجوعُ العامة عن مِثْلِ حاله. فإن كانت المصلحة في ذلك راجحةً، بحيث يُفضي هجرُهُ إلى ضعف الشرّ وخِفْيتِه، كان مشروعًا. وإن كان لا المهجور ولا غيره يرتدع بذلك، بل يزيد الشرّ، والهاجرُ ضعيفٌ، بحيث يكون مفسدةُ ذلك راجحةً على مصلحته، لم يُشرع الهجر؛ بل يكون التأليفُ لبعض الناس أنفعَ من الهجر، والهجرُ لبعض الناس أنفعَ من التأليف ... (ثم استدلّ لذلك، إلى أن قال:) وجواب الأئمة كأحمدَ وغيرِه في هذا الباب مبنيٌّ على هذا الأصل. ولهذا كان يُفرِّقُ بين الأماكنِ التي كثُرت فيها البدع ,كما كَثُرَ القَدَرُ في البصرة, والتجهُّم (12) ( http://www.islamtoday.net/questions/show_articles_*******.cfm?id=71&catid=73&artid=8957#23) بخراسان، والتشيُّعُ بالكوفة، وبين ما ليس كذلك ... » (13) ( http://www.islamtoday.net/questions/show_articles_*******.cfm?id=71&catid=73&artid=8957#25) .

وتحريرُ ابنِ تيمية لمذهبه هذا، و الذي نسبه إلى أئمة الإسلام قاطبةً، وإلى الإمام أحمد خاصةً، مرجِّحًا فيه أن مشروعيةَ هجرِ المبتدع ترجعُ إلى المصلحة = تحريرٌ يجعل هجرَ المبتدع كهجر السُّنّي سواءً بسواء؛ لأن هجرَ السُّني أيضًا قد يجوز أو يجبُ لمصلحة دينيةٍ؛ والأصل في هجرهما عدم الجواز؛ لعموم النصِّ الناهي عن هجر المسلم فوق ثلاث؛ إلا إذا دعت مصلحةٌ دينيةٌ ظاهرةٌ إليه.

ومثالٌ آخر للحقوق التي يُظَنُّ أنها مُنتَقَصةٌ من الحقِّ الإسلاميِّ العامِّ للمبتدع، بسبب الفهم القاصر لبعض عبارات السلف: ما يُمكنُ أن نفهمه من عبارةٍ للإمام مالكٍ (رحمه الله)، أنه قال عن القدرية: «لا يُصلَّى عليهم، ولا يُسلَّم على أهل القدر، ولا على أهل الأهواء جميعهم، ولا يُصلَّى خلفَهم، ولا تُقْبَلُ شهادتهم».ولكن انظر كيف فَهِمَ العلماءُ هذه العبارة، فقد فسَّرها الإمامُ المُحرِّرُ أبو عمر ابن عبد البرّ بما يراه حريًّا بمذهب الإمام مالك، فقال: «أما قوله: لا يُصَلَّى خلفهم، فإن الإمامة يُتخيَّرُ لها أهلُ الكمال في الدين من أهل التلاوة والفقه، هذا في الإمام الراتب (14) ( http://www.islamtoday.net/questions/show_articles_*******.cfm?id=71&catid=73&artid=8957#27). وأما قوله: لا يُصَلَّى عليهم، فإنه يريد لا يُصلِّي عليهم أئمةُ الدين وأهلُ العلم؛ لأن ذلك زجرٌ لهم وخزيٌ؛ لابتداعهم، رجاءَ أن ينتهوا عن مذهبهم، وكذلك تركُ ابتداءِ السلام عليهم. وأما أن تُتركَ الصلاةُ عليهم جُملةً إذا ماتوا, فلا، بل السنةُ المُجْتَمَعُ عليها أن يُصلَّى على كل من قال: (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، مبتدعًا كان، أو مرتكبًا للكبائر (15) ( http://www.islamtoday.net/questions/show_articles_*******.cfm?id=71&catid=73&artid=8957#29). ولا أعلم أحدًا من فقهاء الأمصار أئمةِ الفتوى يقول في ذلك بقول مالك. وقد ذكرنا أقاويلَ العلماء في قبول شهاداتهم، في كتاب الشهادات، وأن مالكًا شذَّ عنهم في ذلك؛ إلا أحمد بن حنبل، قال: ما تُعجبني شهادة الجهمية ولا الرافضة ولا القدرية، قال إسحاق: وكذلك كل صاحب بدعة (16) ( http://www.islamtoday.net/questions/show_articles_*******.cfm?id=71&catid=73&artid=8957#31) ...» (17) (http://www.islamtoday.net/questions/show_articles_*******.cfm?id=71&catid=73&artid=8957#33).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير