وهجر -صلى الله عليه وسلم- عمار بن ياسر رضي الله عنه بتركه -صلى الله عليه وسلم- رد السلام عليه لملابسته الخلوق حتى غسله. رواه أبو داود في سننه والطيالسي كلاهما من حديث عمار رضي الله عنه.
وهجر -صلى الله عليه وسلم- رجلاً بالإعراض عنه؛ لأنه كان متخلقاً بخلوق .. رواه البخاري في: الأدب المفرد من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وهجر النبي -صلى الله عليه وسلم- رجلاً رأى في يده خاتماً من ذهب حتى طرحه، وكان هجره له بالإعراض عنه. رواه أحمد والبخاري في: الأدب المفرد من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه.
ونحوه من حديث أبي سعيد الخدري رضي إلى عنه (رواه النسائي والبخاري في: الأدب المفرد).
وهجر النبي -صلى الله عليه وسلم- رجلاً بترك رد السلام عليه وذلك لأن عليه ثوبين أحمرين (رواه أبو داود والترمذي والحاكم وصححه ووافقه الذهبي). فهذه الأحاديث وما في معناها نص في مشروعية هجر العاصي المجاهر بمعصيته حتى يتوب ويفيء، وعليه: فإن الاستدلال بها على هجر المبتدع هو من باب الأولى في الدلالة على: مشروعية هجره ديانة لاسيما وهو المخصوص بأوصاف: البدعة في الدين، والإحداث والضلال، دون العاصي، وإلى هذا أشارت تراجم جماعة من المحدثين على هذه الأحاديث وما في معناها كما تقدم في صدر هذه الأدلة من السنة، والله أعلم.
8 - توظيف الصحابة رضي الله عنهم فَمَن بعدهم لهذه السنة النبوية.
والصحابة رضي الله عنهم فمن بعدهم تقفوا أثر النبي -صلى الله عليه وسلم- في هجر المتلبس بالمعصية المجاهر بها حتى يفيء. ورد ذلك عن جمع غفير منهم (20):
عمر، وعلي بن أبي طالب، وعبدالله بن عمر، وعبد الله بن عمرو،وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن المغفل المزني، وعبادة بن الصامت، وأبو الدرداء، وسمرة بن جندب، وشيخ من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- وغيرهم رضي الله عنهم.
وعن سعيد بن جبير، وابن سيرين، وعمر بن عبد العزيز، والحسن البصري، وأحمد بن حنبل، وزياد بن حدير، ويزيد بن أبي حبيب، وغيرهم رحمهم الله تعالى ..
فإلى ذكر بعضها مختصراً: فهجر عمر رضي الله عنه: زياد بن حدير لما رأى عليه طيلساناً وشاربه عافيةً، إذ سلم زياد فلم يرد عليه عمر السلام حتى خلع الطيلسان وقص شاربه. رواه أبو نعيم في الحلية.
تنبيه:
كيف بنا اليوم، ونحن نتهلل بالحفاوة لمن يحلق لحيته ويعفي شاربه، ويتشبه بلباسه.
وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه. كان يعتقل أصحاب النرد غدوة ونحوها، وينهى عن السلام عليهم. رواه البخاري في الأدب المفرد، وترجم له بقوله: باب من لم يسلم على أصحاب النرد.
وهجر عبد الله عمر رضي الله عنهما. رجلاً رآه يخذف بعدما أعلمه أن النبي -صلى الله عليه وسلم-كان ينهي عن الخذف. وقال: والله لا أكلمك أبداً. رواه الحاكم.
وهجر عبدالله بن المفضل رضي الله عنه: رجلاً يخذف في نحو قصته.
وهجر شيخ من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: فتى كان يخذف. رواه رمي.
وعبادة بن الصامت رضي الله عنه هجر: معاوية رضي الله عنه في مخالفته له في مسألة ربوية وقال عبادة: أحدثك عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتحدثني عن رأيك لئن أخرجنى الله لا أساكنك بأرض لك علي فيها إمرة، ولما خرج شكاه إلى عمر رضي الله عنه فكتب إليه عمر: لا إمرة لك عليه واحمل الناس على ما قاله فإنه هو الأمر. رواه ابن ماجه.
ونحو هذه الرواية وقعت لأبي الدرداء مع معاوية رضي الله عنهما. رواها: مالك، والشافعي.
وهجر عبد الله بن مسعود رضي الله عنه رجلاً رآه يضحك في جنازة، فقال. والله لا أكلمك أبداً. رواه أحمد في: الزهد.
ثالثاً: الإجماع:
حكاه جماعة منهم: القاضي أبو يعلى، والبغوي، والغزالي.
قال القاضي أبو يعلى - رحمه الله - تعالى: "أجمع الصحابة والتابعون على مقاطعة المبتدعين".
¥