تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فكرت أن أختصر ما جاء في هذا الإسم الكريم " الخالق" على لسان الشيخ خالد السبت , فلم أستطع أن أفوت شيئا قاله إلا كتبته , لأهميته وعظمته فهي دعوة إلى التأمل ... وهذا الجزء الأول ...

-----

6 - الخالق:

· (هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ .... ) الآية , هذه الأسماء الثلاثة مترابطة في المعنى.

· هذا الاسم من أشهر الأسماء , وهو بهذا اللفظ والإطلاق لا يسمى به سوى الله تبارك وتعالى , وإن كان المخلوق بوصف بأنه يخلق كما قال عزوجل عن عيسى عليه السلام: (وَإِذْ تَخْلُقُ مِنْ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي ... ) الآية , وسيأتي بيانه.

· لله سبحانه أسماء خاصة لا يسمى بها غيره كـ:

(الله - الرحمن - الحكم (إذا روعي في المعنى) - الخالق - الرب)

· في كلام العرب: مادة خَلَقَ تدور على ثلاثة معاني:

1 - ملاسة في الشيء (أن يكون الشيء أملس) , فهذا يقال عنه خلق هذا الشيء بمعنى صار أملسا , ومن ذلك يقال للثياب القديمة (خَلَقْ) أي هذا الثوب القديم ذهب ما فيه من أثر النسيج الجديد وما فيه من النتوءات , وهكذا الفرش.

2 - تطلق ويراد بها الإيجاد , إما أن يكون هذا الإيجاد على غير مثال سابق , وهذا في خلق الله عزوجل ولا يكون إلا لله تبارك وعلا كخلق السماوات والأرض على غير مثال سابق , وإما أن يكون قد أوجد شيئا على مثال سابق , وكذلك يكون هذا الإيجاد من غير شيء , وإما أن يكون هذا الشيء قد خُلّق من شيء آخر , كما خُلق الإنسان من نطفة , وآدم من التراب.

3 - التقدير فالعرب تقول خلق بمعنى قدّر , ولا شك أن الشيء لا يكون إلا بعد أن قُدّر , فالتقدير يكون أولا ثم بعد ذلك الإيجاد قم يكون التشكيل والتصوير , كما قال زهير بمدحه لملك من الملوك:

لأنت تفري ما خلقت ** وبعض القوم يخلق ثم لا يفري

وهو المراد بالآية التي جاءت في أواخر سورة الحشر , فيصبح الخالق هو المقدر في الآية.

· الذي يصلح أن يقال اسم الله الخالق من أي اُخذ هو المعنى الثاني والثالث أي الإيجاد أو التقدير , وأما الملاسة فلا علاقة له.

· بعض الآيات التي تدل على معنى الإيجاد:

- (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ) خلقنا هنا بمعنى أوجدنا وليس بمعنى قدرنا.

- (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ) بمعنى أوجدناه بقدر , ولو قلنا أنه بمعنى التقدير لصار (قدرناه بقدر) وهذا تكرار لا معنى له.

- (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً) بمعنى أوجد كل شيء فقدره تقديرا.

- (كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ) بمعنى الإيجاد الأول , والإنشاء الأول , حيث خلق الله عزوجل الناس ابتداءا وأوجدهم ثم بعد ذلك يعيدهم مرة أخرى في اليوم الآخر.

- (هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلْ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) أي هذا الذي أوجده الله عزوجل وأنشأه على عير مثال سابق.

- (قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَاسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنْ الْعَالِينَ) ليس معناه لما قدّرت بيدي , لأن الله أوجد آدم ثم أمر إبليس بالسجود له , وإنما معناه لماذا لا تسجد لما خلقت بيدي.

· فكما ترون أن الآيات تدل على معنى الإيجاد قطعا.

· وهكذا بعض الآيات تدل على معنى التقدير خاصة ولا تدل على معنى الإيجاد , وهناك آيات أخرى تحتمل الأمرين كقوله تعالى: (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) أي أحسن الموجدين المبدعين المنشئين ويحتمل معنى آخر قال به طائفة من السلف وهو بمعنى أحسن المقدرين , ولقائل يقول أنها تدل على معنى ثالث وهو أحسن المصورين الذي أعطى كل مخلوق شكله.

· فإذا تبين من خلال معرفتنا لمعنى الخالق والبارئ والمصور أن في الآية التي في أواخر سورة الحشر أن الخالق هو المقدر , والبارئ هو الموجد بعد أن قدر , ثم بعد ذلك أعطى كل شيء هيئة تخصه وصورة فهذا هو المصور.

· وقد أحسن من جمع بين هذه الأسماء فقال:

خلق الأشياء بقدرته ** وبنور الحكمة صورها

وبراها وفق مشيئته ** وبغير مثال قدرها

· وقال الآخر:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير