تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

- كما جاء هذا الاسم مقترنا مع اسم الله الحكيم مرة واحدة , وذلك في قوله تبارك وتعالى في سورة فصلت عن هذا القرآن: (لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) , فهو محمود في حكمته جل وعلا , حيث يوضع الأمور في مواضعها ويوقعها في مواقعها , فلا يصدر منه تصرف على غير وجه الحكمة , فهو محمود سبحانه في أقواله فهي صواب , وفي أفعاله فهي حق كلها , لا شطط فيها ولا خلل ولا خروج عن وجه الحق والصواب بحال من الأحوال.

- وجاء مقترنا مع اسم الله العزيز ثلاث مرات في القرآن , وذلك في مثل قوله تعالى: (وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) , ويمكن أن يقال في وجه هذا الاقتران , أن العزة تحمل على العسف والقهر والظلم في كثير من الحالات هذا بالنسبة للمخلوقين , فإن المخلوق إذا عز كما قيل: من عز بز , ومن غلب استلب , أما الله عزوجل فهو مع عزته الكاملة , إلا أنه محمود في هذه العزة فلا تحمله هذه العزة على ظلم لأحد من خلقه فالله ليس بظلام للعبيد , على كثرتهم وتفرقهم , إلا أنه لا يصدر منه ظلم بوجه من الوجوه لأحد من المخلوقين البتى.

- وجاء مقترنا مع اسم الله المجيد مرة واحدة وذلك في سورة هود في قوله تبارك وتعالى: (رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) , وأما وجه هذا الاقتران فقد علق عليه الإمام ابن القيم رحمه الله في بعض مصنفاته حيث قال: والحمد والمجد إليهما يرجع الكمال كله , فغن الحمد يستلزم المحبة والثناء للمحمود فمن أحببته ولم تثني عليه لم تكن حامدا عليه , وكذا من أثنيت عليه لغرض ما ولم تحبه لم تكن حامدا له حتى تكون مثني عليه محبا , وهذا الثناء والحب تبعا للأسباب المقتضية عليه , وهو ما عليه المحمود من صفات الكمال ونعوت الجلال والإحسان إلى الغير , فإن هذه هي أسباب المحبة , وكلما كانت هذه الصفات أجمع وأكمل , كان الحمد والحب أتم وأعظم , والله سبحانه له الكمال المطلق الذي لا نقص فيه بوجه ما , والإحسان كله له ومنه , فهو أحق بكل حمد وبكل حب من كل جهة , فهو أهل أن يحب لذاته ولصفاته ولأفعاله ولأسمائه ولإحسانه ولكل ما صدر منه سبحانه.

وأما المجد فهو مستلزم للعظمة والسعة والجلال , كما يدل عليه موضوعه في اللغة , فهو دال على صفات العظمة والجلال , والحمد يدل على صفات الإكرام , والله سبحانه ذو الجلال والإكرام , وهذا معنى قول العبد (لا إله إلا الله والله أكبر) فلا إله إلا الله دال على ألوهيته وتفرده فيها , فألوهيته تستلزم محبته التامة , والله أكبر دالة على مجده وعظمته وذلك يستلزم تمجيده وتعظيمه وتكبيره , ولهذا يقرن سبحانه بين هذين النوعين في القرآن كثير كقوله: (رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) , وكقوله: (وَقُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنْ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً) فأمره بحمده وتكبيره , وقال تعالى: (وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ) , وقال: (تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ) , وفي المسند وصحيح أبي حاتم وغيره من حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ألظوا بيا ذا الجلال والإكرام) وإسناده صحيح , يعني إلزموها وتعلقوا بها , فالجلال والإكرام هو الحمد والمجد ....

إلى أن قال: فذكر هذين الاسمين الحميد المجيد عقيب الصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مطابق لقوله: (رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) , (يعني لماذا نقول في آخر التشهد إنك حميد مجيد) ولما كانت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وهي ثناء الله تعالى عليه وتكريمه والتنويه به ورفع ذكره وزيادة حبه وتقريبه , كانت مشتملة على الحمد والمجد , وكأن المصلي طلب من الله تعالى أن يزيد في حمده ومجده , فإن الصلاة عليه هي نوع حمد له وتمجيد (يعني على النبي صلى الله عليه وسلم) هذه حقيقتها , فذكر في هذا المطلوب الاسمين المناسبين له وهما اسما

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير