ـ[عبدالله الوائلي]ــــــــ[16 - 05 - 07, 10:26 ص]ـ
9 – الغفور:
· أصل الغفر في اللغة يجمع بين معنيين اثنين:
الأول: الوقاية.
الثاني: الستر , ومنه قيل للمغفر وهو ما يضعه المقاتل فوق رأسه ليتقي منه ضرب السيوف والحديد.
وهذا المغفر يفيد المقاتل بشيئين اثنين:
الشيء الأول: أنه يستر رأسه , والشي الثاني: أنه يقيه الضربات.
فالغفر يجمع بين الوقاية ويجمع بين الستر , فأنت إذا قلت ربي اغفر لي فأنت تسأل ربك أن يستر عليك الذنب والعيب , فلا تفتضح في الدنيا ولا في الآخرة , والأمر الثاني هو أنه يقيك شؤم هذه الذنوب والمعاصي فلا تؤاخذ فيها في الدنيا ولا في الآخرة.
وكلام العلماء في تفسير العلماء لا يكاد يخرج عما ذكر والله أعلم.
فإذا غفر الله عزوجل ذنوب عبد , فهذا يعني أنه يستر وأنه تجاوز عنه فلم يؤاخذه بهذه الجرائر وبهذه الجرائم والذنوب والمعاصي.
فالله عزوجل هو الغفور الذي أظهر الجميل وستر القبيح في الدنيا , وتجاوز عن عقوبته في الآخرة , وستر عبده في ذلك الموقف العظيم , فلم يفضحه بين الخلائق.
فهو الذي يغفر الذنوب وإن كانت كبارا , ويسترها وإن كانت كثيرة , فالله عزوجل ربنا غفور يستر عباده ويتجاوز عن ذنوبهم وسيئاتهم.
· هذا الاسم الكريم الغفور فيه معنى المبالغة , أي أنه كثير الغفران.
· الأسماء التي ترجع لمعناه: الغافر والغفار.
· وقد وردت هذه الأسماء الكريمة مضافة إلى الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم:
- فالغفور جاء في أكثر من تسعين موضعا في كتاب الله عزوجل , وهذا له معنى نقف عنده إن شاء لله في الكلام على الآثار المترتبة على الإيمان بهذا الاسم الكريم.
- أما الغفار فقد جاء في خمس آيات , جاء مفردا مرتين , وجاء مقترنا بالعزيز ثلاث مرات.
وأما الغافر فلم يرد إلا في موضع واحد ,في قوله تعالى: (غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ).
· جاء اسم الله الغفور مفردا في موضعين في كتاب الله تبارك وتعالى.
الملازمة بين اسم الله الغفور والرحيم:
· اسم الله الغفور الذي ورد هذا الورود الكثير في كتاب الله عزوجل إذا تأملت في كتابه وجدت أنه يقترن غالبا باسم الله الرحيم , فيقرن الله عزوجل بين هذين الاسمين , والغالب أن الله يقدم الغفور على الرحيم , وقد ورد في موضع واحد تقديم الرحيم على الغفور لمعنى أشار إليه ابن القيم رحمه الله في كتابه بدائع الفوائد وذلك في سورة سبأ , فقد جاء في اثنتين وسبعين مرة الاقتران بين الغفور والرحيم , ولا شك أن الملازمة شديدة بين هذين الاسمين , ولذلك كثر الاقتران بينهما , لأن الله عزوجل من رحمته أنه يغفر ذنوب المذنبين , فيتجاوز عنها ويستر على أصحابها فلا يفتضحون , فالمغفرة أمر لازم للرحمة لأن المغفرة إنما تكون بسبب رحمة الله تبارك وتعالى بخلقه وعباه.
فهو حينما يوفقهم للتوبة , فهذا من رحمته بهم , وحينما يتقبل منهم هذه التوبة فهذه من رحمته بهم , وحينما يغفر لهم هذه الذنوب التي تابوا منها فهذه من رحمته بهم , وحينما يغفر لهم ابتداءا من غير توبة تابوا بها عن سيئاتهم فإن ذلك من رحمته جل جلاله.
وفي موضع واحد قرن الله عزوجل بين اسمه الغفور وبين صفة الرحمة حيث قال: (وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ) , فلم يقل الغفور الرحيم.
الاقتران بين اسم الله الغفور واسم الله الحليم:
· جاء اسم الله الغفور مقترنا باسم الله الحليم ست مرات , ووجه هذا الاقتران لا يخفى إذ أن معنى الحليم أي أنه لا يعاجل بالعقوبة , فمع كثرة ذنوب المذنبين , فالله عزوجل يمهلهم علهم أن يتوبوا , ويرجعوا عما هم فيه من غي وباطل وكفر ومعصية لله تبارك وتعالى , ثم إن الله عزوجل من حلمه أنه أيضا يغفر لهم فلا يؤاخذهم بهذه الذنوب إذا شاء واقتضت حكمته ذلك , لأن الله تبارك وتعالى أخبر أنه يغفر الذنوب جميعا بعد الإشراك بالله تبارك وتعالى (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) , فالله لا يعاجلنا بالعقوبة على كثرة الإساءة والتقصير , ومع ذلك الله عزوجل يغفر لنا تقصيرنا ويغفر لنا ذنوبنا , ومن هنا جاء الاقتران بين الغفور والحليم.
الاقتران بين اسم الله الغفور واسم الله العفو:
¥