- قال بعض أهل العلم إن القدير أبلغ في الوصف بالقدرة من القادر , لأن القدير على زنة فعيل وهي من صيغ المبالغة , والمقتدر أبلغ من القادر لأن هذا البناء فيه زيادة , ومعلوم أن الزيادة في بناء الكلمة تدل على الزيادة في المعنى , فالمقتدر يدل على مزيد من القدرة , والله أعلم.
· وردت هذه الأسماء الثلاثة جميعا في كتاب الله عزوجل.
- أما القادر فقد ورد في اثنتي عشرة مرة , خمس منها بصيغة الجمع , فمن ذلك قوله تبارك وتعالى: (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ) , وكما جاء أيضا في قوله: (وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ) , بصيغة الجمع وهذا الجمع إنما هو للتعظيم كما هو معلوم , وفي قوله أيضا: (أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ) , وفي قوله: (أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ).
- أما اسم الله القدير فقد ورد نحوا من خمس وأربعين مرة في القرآن , فمن ذلك قوله تعالى: (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) , وكما في قوله: (أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمْ اللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) , وفي قوله سبحانه: (إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً) , وكما في قوله: (وَالأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) , وقوله: (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
- أما المقتدر فقد ورد أربع مرات في كتاب الله عزوجل ,. وذلك في قوله في سورة الكهف: (وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً) , وكما قال في سورة الزخرف: (فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ) , وكما في قوله: (كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ) , وكما في قوله: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ).
· مما يدل على عظم هذه القدرة وأنها كاملة وأن الله عزوجل لا يتعاصى عليه شيء ما ذكره الله في كتابه من آيات كثيرة مما يلفت الأنظار إلى عظم قدرة الله تبارك وتعالى , بالإضافة إلى ما نشاهده في هذا الكون العريض الواسع من المخلوقات والتقلبات والأمور الكائنة الكثيرة التي تدل على قدرة شاملة وعلى قدرة كاملة لا يتعاصى على صاحبها شيء من الأشياء.
- فمن كمالها أن الله تبارك وتعالى يستوي عنده هذا الإيجاد العجيب , الذي فاوت فيه بين هذه الصور وهذه المخلوقات هذا التفاوت الكبير , يستوي عنده إيجاد هذا الخلق بهذا التفاوت مع إعادته مرة ثانية بعد ما يبلى ويتحلل ويصير ترابا! , كل ذلك يستوي عند الله تبارك وتعالى كما قال سبحانه: (مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ) , ولهذا يقول الله عزوجل مبديا هذه القدرة العجيبة: (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) أي أن الإعادة هينة سهلة عليه , ومعلوم أن الله عزوجل يستوي في حقه هذا وهذا , فليست الإعادة أسهل بالنسبة لله عزوجل من الابتداء لأن هذا كله سهل على الله عزوجل , ولكن المقصود أن ذلك جميعا هين عليه تبارك وتعالى.
¥