ـ[بلال الرشيدي]ــــــــ[13 - 05 - 07, 08:06 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
أخي الكريم ذكرتُ سابقاً أنه لا يقوم إجماع إلا بدليل إلا قولا شاذ لا يلتفت إليه، وعليه فحصول الإجماع أصلا بدون دليل لا يقع عند عامة أهل العلم وهذا الإجماع إذا استند إلى نص فإما ان يكون النص ظاهراً في دلالته على الحكم او خفياً.
أولا ً: تقرير رجوع الإجماعات جميعاً إلى النصوص سواء كانت ظاهرة أو خفية وسواء كان متواتراً أو آحاداً:
قال ابن تيمية رحمه الله: (ما من حكم اجتمعت الأمة عليه إلا وقد دل عليه النص فالإجماع دليل على نص موجود معلوم عند الأئمة ليس مما درس علمه والناس قد اختلفوا في جواز الإجماع عن اجتهاد ونحن نجوز أن يكون بعض المجمعين قال عن اجتهاد لكن لا يكون النص خافيا على جميع المجتهدين وما من حكم يعلم أن فيه إجماعا إلا وفي الأمة من يعلم أن فيه نصا وحينئذ فالإجماع دليل على النص.
ولهذا قال تعالى: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى} فعلق الوعيد بمشاقة الرسول واتباع غير سبيل المؤمنين مع العلم بأن مجرد مشاقة الرسول توجد الوعيد ولكن هما متلازمان فلهذا علقه بهما كما كما يعلقه بمعصية الله ورسوله وهما متلازمان أيضا) منهاج السنة النبوية (8/ 344)
وقال أيضاً: (وخبر الواحد المتلقى بالقبول يوجب العلم عند جمهور العلماء من أصحاب أبى حنيفة ومالك والشافعى وأحمد وهو قول أكثر أصحاب الأشعرى كالأسفرائينى وإبن فورك فإنه وإن كان فى نفسه لا يفيد إلا الظن لكن لما إقترن به جماع أهل العلم بالحديث على تلقيه بالتصديق كان بمنزلة إجماع أهل العلم بالفقه على حكم مستندين فى ذلك إلى ظاهر أو قياس أو خبر واحد فإن ذلك الحكم يصير قطعيا عند الجمهور وأن كان بدون الإجماع ليس بقطعى لأن الإجماع معصوم فأهل العلم بالأحكام الشرعية لا يجمعون على تحليل حرام ولا تحريم حلال كذلك أهل العلم بالحديث لا يجمعون على التصديق بكذب ولا التكذيب بصدق وتارة يكون علم أحدهم لقرائن تحتف بالأخبار لهم العلم ومن علم ما علموه حصل له من العلم ما حصل لهم) مجموع الفتاوى (18/ 41)
وقال أيضا: (وأما مخالفة هؤلاء لنصوص الكتاب والسنة وما استفاض عن سلف الأمة فهذا أظهر وأشهر من أن يخفى على عالم ولهذا أسسوا دينهم على أن باب التوحيد والصفات لا يتبع فيه ما دل عليه الكتاب والسنة والإجماع وإنما يتبع فيه ما رأوه بقياس عقولهم وأما نصوص الكتاب والسنة فإما أن يتأولوها وإما أن نفوضوها وإما أن يقولوا مقصود الرسول أن يخيل إلى الجمهور اعتقادا ينتفعون به في الدنيا وإن كان كذبا وباطلا كما يقول ذلك من يقوله من المتفلسفة وأتباعهم وحقيقة قولهم أن الرسل كذبت فيما أخبرت به عن الله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر لأجل ما رآوه من مصلحة الجمهور في الدنيا) منهاج السنة النبوية (2/ 109)
ثانياً: نماذج لمسائل العقيدة الغيبية التي أجمع عليها:
1 - قال ابن تيمية: (وكذلك التمثيل منفى بالنص والإجماع القديم مع دلالة العقل على نفيه ونفى التكييف إذ كنه البارى غير معلوم للبشر) مجموع الفتاوى (3/ 196)
2 - وقال: (ثبت عن محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة أنه قال اتفق الفقهاء كلهم من الشرق والغرب على الإيمان بالقرآن والأحاديث التي جاء بها الثقات عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في صفة الرب عز وجل من غير تفسير ولا صف ولا تشبيه فمن فسر شيئا من ذلك فقد خرج مما كان عليه النبي وفارق الجماعة فإنهم لم يصفوا ولم يفسروا ولكن آمنوا بما في الكتاب والسنة ثم سكتوا فمن قال بقول جهم فقد فارق الجماعة انتهى
فانظر رحمك الله إلى هذا الإمام كيف حكى الإجماع في هذه المسألة ولا خير فيما خرج عن إجماعهم) مجموع الفتاوى (4/ 5)
3 - وقال: (كما أن أسماءه و صفاته متنوعة فهي أيضا متفاضلة كما دل على ذلك الكتاب و السنة و الإجماع مع العقل) مجموع الفتاوى (17/ 212)
4 - وقال: (معلوم أن الإجماع على تنزيه الله تعالى عن صفات النقص متناول لتنزيهه عن كل نقص من صفاته الفعلية وغير الفعلية) درء تعارض العقل والنقل (2/ 226)
¥