إن مثل هذا يحتاج إلى تصحيح نيته، ومقصده في دراسة العقيدة حتى تثمر الثمرة المرجوة , وتحقق الآثار المباركة على صاحبها، فالمسلم يتعلم العقيدة لأنها عقيدته ودينه الذي امره الله ? به ويجتهد في أن تكون لها أثر عليه وعلى عبادته وتقربه الى الله ? ... )
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=95390 (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=95390)
( ب)
ذلك لأن أصل العلم خشية الله ?، قال ابن مسعود 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -: ليس العلم بكثرة الرواية، إنَّما العلم الخشية. (أ)
ولما قال عِمْرَان الْمِنْقَرِىِّ للحسن البَصْري في شىءٍ قاله: يا أَبا سَعيد ليس هكَذا يَقولُ الفُقهاءُ! فقال: وَيْحَكَ! ورأيت أَْنت فقيهاً قطُّ؟!
إنَّما الفَقِيهُ الزَّاهدِ في الدُّنيا، الرَّاغبُ فى الآخرة، البصيرُ بأمْر دينه، المُدَاومُ على عبادة ربِّه. (ب)
وقال أحد السلف: كان يقال: العلماء ثلاثة؛ عالم بالله عالم بأمر الله، وعالم بالله ليس بعالم بأمر الله، وعالم بأمر الله ليس بعالم بالله.
فالعالم بالله وبأمر الله: الذي يخشى الله، ويعلم الحدود والفرائض. والعالم بالله ليس بعالم بأمر الله: الذي يخشى الله، ولا يعلم الحدود ولا الفرائض. والعالم بأمر الله ليس بعالم بالله: الذي يعلم الحدود والفرائض، ولا يخشى الله). (ج)
فـ[العالم بالله العالم بأمر الله] هو العالم الرباني، والعالم لا يكون ربانيًا إلا إذا كان عاملاً معلمًا.
و [عالم بالله ليس بعالم بأمر الله] هو الذي يحب الله ?، ويخشاه، إلا أنه يعبده علي طريقة غير مرضية، فيتقرب إلي الله ? من غير سبيل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فكم من مريدٍ للخير لا يدركه، ذلك لأن الخير له طريق واضح، وسبيل مستقيم.
قال ?: (وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا) (الإسراء:19)، فالآخرة لها سعي مخصوص، وطريق معروف.
فعن أبي الدّرداء ? قال: يا حبذا نوم الأكياس وإفطارهم، كيف يغبِطُنا سهر الحمقى وصومهم!! ولمثقال ذرة مع بِرٍّ ويقين أعظم عند الله من أمثال الجبال عبادةً من المغترين. (د)
و [عالم بأمر الله ليس عالما بالله] هو العالم الفاجر، يحفظ الكثير من مسائل الشرع، إلا أنه لا يخشى الله ?، لأن أصل العلم هو خشية الله ?. فكان من علامات العلم النافع هو أن يزيد صاحبه خشية من الله ?، وتواضعا لخلق الله ?.
وإذا قلبت نظريك في حال سلفنا الصالح؛ لوجدتهم ما كان يبتغون من علمهم سلطانًا، ولا جاهًا، ولا مالاً، بل كانوا أهل نسك وعباده، وورع وزهاده، أرضوا الله بعلمهم، وصانوا العلم فصانهم، وتضرعوا من الأعمال الصالحة بما زانهم، ولم يشنهم الحرص علي الدنيا وخدمة أهلها، بل أقبلوا علي طاعة الله ? التي خلقوا لأجلها فهؤلاء هم الفقهاء بحق.
وقال بعض السلف: قليل من هذا – أي: العلم - مع تقوى الله كثير، وكثير من هذا بغير تقوى الله قليل. (هـ)
وأوصى علي بن أبي طالب ? كميل بن زياد النخعي وصية جامعة: قال كميل بن زياد: أخذ على بن أبي طالب بيدي، فأخرجني إلى ناحية الجبان، فلما أصحر، جلس، ثم تنفس، ثم قال: يا كميل بن زياد، احفظ ما أقول لك:
القلوب أوعية، خيرها أوعاها.
الناس ثلاثة: فعالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع، أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجأوا إلى ركن وثيق.
العلم خير من المال؛ العلم يحرسك، وأنت تحرس المال. العلم يزكو على العمل، والمال تنقصه النفقة. العلم حاكم، والمال محكوم علىه. وصنيعة المال تزول بزواله. محبة العالم دين يدان بها، تكسبه الطاعة في حياته، وجميل الأحدوثة بعد موته، مات خزان الأموال وهم أحياء، العلماء باقون، ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب موجودة.
¥