تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[محمود آل زيد]ــــــــ[20 - 07 - 07, 02:44 ص]ـ

11 - التميز والوسطية:

فهي عقيدة متميزة، وأهلها متميزون، فطريقتهم مستقيمة، وأهدافهم محددة. (ا)

.............

(ا) (فائدة) الوسطية هي أخص خصائص أهل السنة والجماعة، فهم أَهل الوسط والاعتدال بين الإفراط والتفريط، وبين الغلو والجفاء، سواء أكان في أبواب العقيدة أَم الأَحكام والسلوك، فكما أَنَّ الأُمة وسطٌ بين الملل، فأهل السنة وسطٌ بين فرق الأمَّة، وعقيدة أهل السنة والجماعة والتي هي عقيدة الإسلام الصحيحة وسط بين عقائد الفرق الضالة المنتسبة إلى دين الإسلام، فهي في كل باب من أبواب العقيدة وسط بين فريقين آراؤهما متضادة، أحدهما غلا في هذا الباب والآخر قصر فيه، أحدهما أفرط والثاني فرّط، فهي حق بين باطلين،

وأمثلة ذلك أنهم:

وسط في صفات الله - عز وجل - بين أهل التعطيل وأهل التمثيل:

فأهل التعطيل ينفون صفات الله - عز وجل -، وأهل التمثيل يثبتونها مماثلة لصفات المخلوقين ...

وأهل السنة أثبتوا صفات الله - عز وجل - إثباتًا بلا تمثيل، وينزهون الله تنزيهًا بلا تعطيل.

* وسط في باب أفعال العباد بين الجبرية والقدرية:

فالجبرية يقولون أن العبد مجبور على فعله، والقدرية يقولون أن العبد هو الخالق لأفعاله دون مشيئة الله،

وأهلَ السنة والجماعة وسط بين هاتين الفرقتين فقالوا: إن الله هو الخالق للعباد وأفعالِهِم، والعبادُ فاعلون حقيقة، ولهم قدرة على أعمالهم، والله خالقهم، وخالق أعمالهم وقدراتهم، وأثبتوا للعبد مشيئة واختيارًا تابعين لمشيئة الله.

وسط في باب وعيد الله بين الوعيدية والمرجئة:

فالمرجئة غلبوا نصوص الرجاء على نصوص الوعيد فقالوا: لا يضر مع الإيمان ذنب، كما لا ينفع مع الكفر طاعة. فعندهم أن الأعمال ليست داخلة في مسمى الإيمان، وأن الإيمان لا يزيد ولا ينقص، وأن مرتكب الكبيرة كامل الإيمان.

والوعيدية غلبوا نصوص الوعيد على نصوص الوعد فقالوا: إن الله يجب عليه عقلاً أن يعذب العاصي، كما يجب عليه أن يُثيب الطائع، فمن مات على كبيرة، ولم يتب منها، فهو مخلد في النار، وهذا أصل من أصول المعتزلة، وبه تقول الخوارج.

أما أهل السنة والجماعة فقالوا: مرتكب الكبيرة إذا لم يستحلها، مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته، أو مؤمن ناقص الإيمان، وإن ماتَ، ولم يتب فهو تحت مشيئة الله، إن شاء عفا عنه برحمته، وإن شاء عذبه بعدله بقدر ذنوبه، ثم يخرجه من النار.

* وسط في باب أسماء الدين والإيمان والأحكام بين الخوارج والمعتزلة، وبين المرجئة والجهمية:

(أ) الخوارج عندهم أنه لا يسمى مؤمنًا إلا من أدى جميع الواجبات، واجتنب الكبائر، ويقولون أن الدين والإيمان قول وعمل واعتقاد، ولكنه لا يزيد ولا ينقص؛ فمن أتى كبيرة كفر في الدنيا، وهو في الآخرة خالد مخلد في النار، إن لم يتب قبل الموت.

(ب) المعتزلة قالوا بقول الخوارج إلا أنه وقع الاتفاق بينهم في موضعين: نفي الإيمان عن مرتكب الكبيرة، وخلوده في النار مع الكافرين.

ووقع الخلاف بينهم في موضعين: الخوارج سموه في الدنيا كافرًا، والمعتزلة قالوا في منزلة بين المنزلتين: فهو خرج من الإيمان، ولم يدخل في الكفر.

والخوارج استحلوا دمه وماله، والمعتزلة لم يستحلوا ذلك.

(ج) المرجئة قالوا: لا يضر مع الإيمان ذنب، كما لا ينفع مع الكفر طاعة، فهم يقولون أن الإيمان مجرد التصديق بالقلب، فمرتكب الكبيرة عندهم كامل الإيمان، ولا يستحق دخول النار، وهذا يبين أن إيمان أفسق الناس عندهم كإيمان أكمل الناس.

(د) الجهمية وافقوا المرجئة في ذلك تمامًا، فالجهم قد ابتدع التعطيل، والجبر، والإرجاء.

(هـ) أما أهل السنة والجماعة فوفقهم الله للوسطية بين هذين المذهبي الباطلين فقالوا: الإيمان قول وعمل (قول القلب واللسان، وعمل القلب واللسان والجوارح، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية)، فمرتكب الكبيرة عند أهل السنة مؤمن ناقص الإيمان، أو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته، فلا ينفون عنه الإيمان أصلاً، ولا يقولون بأنه كامل الإيمان، أما حكمه في الآخرة فهو تحت مشيئة الله: إن شاء أدخله الجنة من أول وهلةٍ رحمةً منه وفضلا، وإن شاء عذبه بقدر معصيته عدلاً، ثم يخرجه بعد التطهير ويدخله الجنة، هذا إن لم يأتِ بناقض من نواقض الإسلام.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير