التصوف: وهذا الإطلاق عند بعض المتصوفة والمريدين والمتزهدين ومن نحا نحوهم، وهو إطلاق مبتدع؛ لأنه ينبني على اعتبار شطحات المتصوفة وخرافاتهم.
الإلهيات: وهذا الإطلاق عند أهل الكلام والفلاسفة والمستشرقين وأتباعهم، وهو خطأ؛ لأن المقصود بها - عندهم - فلسفات الفلاسفة، وكلام المتكلمين والملاحدة فيما يتعلق بالله - عز وجل - ... وإلا فشيخ الإسلام ابن تيمية له كتاب "الإلهيات".
ما وراء الطبيعة (الميتافيزيقيا): كما يسميها الفلاسفة والكتاب الغربيون، ومن نحا نحوهم كما في الموسوعة العربية الميسرة (ميتافيزقيا)، وهي المعرفة بعالم ما وراء الطبيعة - العالم غير المنظور -، وما فيه من قوى الخير المتمثلة في الملائكة، وقوى الشر المتمثلة في إبليس وجنوده من الشياطين، ومنه أيضا المعرفة بعالم الجن.
هذا؛ ويطلق الناس على ما يؤمنون به ويعتنقونه من مبادئ وأفكار (عقائد)، وإن كانت باطلة، أو لا تستند إلى دليل عقلي ولا نقلي، فإن للعقيدة مفهوماً صحيحاً هو عقيدة أهل السنة والجماعة المستمدة من الكتاب والسنة الثابتة، وإجماع السلف الصالح القائم على الكتاب والسنة الصحيحة.
وللعقيدة أيضاً مفاهيم باطلة، وهي كل المعتقدات الناتجة عن أفكار وأهواء البشر التي تعارض أو تخالف ما جاء عن الله - عز وجل - وعن رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فإطلاق مفهوم العقيدة كمفهوم الدين، فالدين الحق (دين الله) يسمى ديناً، وكذلك تدين المشركين لغير الله يسمى ديناً. قال - عز وجل -: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِين} (الكافرون:6)؛ فالنصراني واليّهُودي كل منهم يعتنق آراءً وأهواءً باطلة، ويسميها عقيدة وديناً.
أما العقيدة الإسلامية إذا أطلقت فهي عقيدة أهل السنة والجماعة، لأنها هي الإسلام الذي ارتضاه الله ديناً لعباده. ونسبة أقوال الناس والفرق ومعتقداتها المخالفة للسلف إلى الإسلام، لا تجعلها من العقيدة الإسلامية الحقة، بل هي معتقدات ُتنسب إلى أصحابها، والحق منها براء، وقد يسميها بعض الباحثين (إسلامية!)، من باب النسبة الجغرافية أو التاريخية، أو لمجرد دعوة الانتماء، أي: أن أصحابها ومعتقديها يدعوّن الإسلام ويسمونها إسلامية، لكن الأمر عند التحقيق يحتاج إلى العرض على الكتاب والسنة في أمر الاعتقاد، فما وافق الكتاب والسنة واستمد منهما فهو الحق، وما لم يكن كذلك فيرد على صاحبه ... راجع (مباحث في العقيدة) د. ناصر بن عبد الكريم العقل - حفظه الله -.
(ب) (تفصيل): العقيدة أمور علمية قلبية يقينية لا تقبل الشك؛ فهي الإيمان الجازم بالله (ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته)، وبملائكته، وكتبه، ورسله، واليَوْم الآخر، والقدر خيره وشره؛ حيث أجاب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جبريل - عليه السلام - لما سأله عن الإيمان ... وكذا الإيمان بكل ما جاءت به النصوص من أصول الدين، وأمور الغيب، وما أجمع عليه السلف، والتسليم لله - عز وجل - طاعةً، ولرسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اتباعاً ...
وبعبارة أخري يمكننا أن نقول أن العقيدة هي عبارة عن وجود (جمل ومسائل علمية، يعرفها المسلم، ثم يحبها، ثم يجمع عليها قلبه، فتكبر في القلب، حتى تغلظ وتشتد - أي: في القلب -، فتكون مع النية والحب والرجاء) ... من كلمات د. أحمد النقيب. وراجع "العقيدة في الله" د. عمر سليمان الأشقر (صـ: 12).
... وهذا المفهوم للعقيدة هو الذي أنزل الله به كتبه، وأرسل به رسله، وجعله وصيته - جل وعلا - للأولين والآخرين؛ فهي عقيده واحدة؛ لا تتبدل ولا تتغير بتبدل الزمان والمكان والأفراد والأقوام.
قال تعالى: {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} (الشورى:13).
وما شرعه الله لنا وللأمم من قبلنا هو أصول العقائد، وقواعد الإيمان، لا فروع الدين وشرائعه العملية؛ فإن لكل أمة من التشريعات العملية ما يتناسب مع ظروفها، وأحوالها، ومستواها الفكري والروحي. قال - عز وجل -: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} (المائدة:48).
ـ[محمود آل زيد]ــــــــ[22 - 08 - 07, 06:19 م]ـ
(المبحث الرابع)
¥