مصادر العقيدة
(أ)
اعلم - علمك الله العلم النافع - أنَّ العقيدة توقيفية؛ فلا يثبت الاعتقاد إلا بدليل من كتاب الله - عز وجل -، أو من سنة نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الصحيحة. (أ)
وأهل السنة والجماعة (ب) لا يأخذون معتقدهم إلا من الكتاب والسنة الصحيحة،
وليس لهم إلا هذان الأصلان العظيمان (ج)،
متبعين في فهمهما الفهم الذي سلكه السلف الصالح من الصحابة والتابعين وأتباعهم من أصحاب القرون الثلاثة المفضلة.
...................
(أ) فالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى.
قال - عز وجل -: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} (النجم:1 - 4).
قال الإمام ابن حزم - طيب الله ثراه -: (الوحي ينقسم من الله - عز وجل - إلى رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على قسمين:
(أحدهما): وحي متلو مؤلف تأليفا معجز النظام وهو القرآن.
و (الثاني): وحي مروي منقول غير مؤلف، ولا معجز النظام، ولا متلو، لكنه مقروء، وهو الخبر الوارد عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وهو المبين عن الله - سبحانه وتعالى - مراده منا.
قال الله - تعالى -: {بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُون} (النحل: 44)). ا. هـ " الإحكام " (1/ 93).
(تنبيه): يكفي في إثبات العقائد الحديث الصحيح أو الحسن، حتى ولو كان آحادا فلا يشترط في الحديث أن يكون متواترًا خلافا للمتكلمين، والأدلة على ذلك كثيرة مشتهرة.
(ب) (فصل): (أهل السنة والجماعة)
(السنَة) في اللغة مشتقة من: سَن يَسِن، سَنّا، فهو مَسْنُون. وسَن الأمرَ: بَينَه. والسَنَة: الطريقةُ والسِّيرة، محمودة كانت أَم مذمومة.
وفي الاصطلاح: هي الهديُ الذي كان عليه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وأَصحابه، علما، واعتقادا، وقولا، وعملا، وتقريرا.
قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: فإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدي فَسَيرى اخْتلافا كَثيرا؛ فَعَلَيْكُمْ بِسنّتي وسُنّةِ الخلَفَاءِ المَهْدِيينَ الرَّاشِدين.
(الجماعة) في اللغة: مأخوذةٌ من الجمعِ، وهو ضمُ الشيءِ بتقريبِ بعضِهِ من بعضٍ، يُقال: جَمعتُهُ، فاجْتَمَعَ. ومشتقة من الاجتماع، وهو ضد التفَرُّق، والفرْقَة. والجماعة: هم العدد الكثير من النَّاس يجمعهم غرض واحد.
وفي الاصطلاح: هي جماعة المسلمين، وهم سَلَفُ هذه الأُمة من الصحابة والتابعين ومن تَبعهُم بإِحسان إِلى يوم الدِّين = الذين اجتمعُوا على الكتاب والسُنَة، وساروا على ما كان عليه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ظاهرًا وباطنًا.
قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: وَإِن هَذهِ الملة سَتفْتَرقُ عَلَى ثَلاث وَسَبعين، ثِنْتانِ وَسَبعونَ في النَّار، وَوَاحِدة في الجنة، وَهي: الجماعَة.
(أهلُ السُّنَّةِ والجماعة) هم المتمسكون بسُنٌة النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وأَصحابه، ومَن تبعهم، وسلكَ سبيلهم في الاعتقاد والقول والعمل = الذين استقاموا على الاتباع، وجانبوا الابتداع، وهم باقون ظاهرون منصورون إِلى يوم القيامة؛ فاتَباعُهم هُدى، وخِلافهم ضَلال.
(ج) (الكتاب): هو القرآن العظيم، كلام رب العالمين غير مخلوق، نزل به الروح الأمين جبريل - عليه السلام -، بلسان عربي مبين، على قلب محمد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ليكون من المنذرين للإنس والجن كافةً في كل ما يحتاجون إليه من مصالح دينهم ودنياهم، مقروء بالألسنة، مكتوب في المصاحف، محفوظ في الصدور، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
وأما (السنة): فهي أقوال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وأفعاله، وأوصافه، وتقريراته على الأقوال والأفعال.
(لحق): علوم السنة (الحديث) من حيث الإجمال تنقسم إلى قسمين كلِّيِّين:
(الأول): علم رواية (القص والروى والنقل).
وموضعه: ما أضيف إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أو من دونه من صحابي أو تابعي، من جهة العناية بنقل ذلك وروايته وضبطه وتحرير ألفاظه، فهو العناية بمتن الخبر من جهة نصِّه خاصة.
ويندرج تحته أصناف من علوم الحديث، منها: المرفوع، والموقوف، والمقطوع، وغريب الحديث، ومختلف الحديث ...
وصاحب هذا الفن يسمى: (المُسند).
(الثاني): علم دراية (معرفة).
وموضعه: السَّند والمتن من جهة العلم بأحوالهما ...
ويندرج تحته:
حقيقة الرواية: [نقل الرواية وإسنادها إلى صاحبها بتحديث أو اخبار ونحوهما، مثل: حدثنا وأخبرنا وعن وغيرها من صيغ التحمل ... ]،
وشروط الرواية: [تحمل الرواية بسماع أو بعرض أو بإيجاز أو بوجادة ... ]،
وأنواع الرواية: [اتصال وانقطاع ونحوهما]،
وأحكام الرواية: [تمييز المقبول والمردود]،
وحال الرواة: [من جرح وتعديل وتواريخ ... ]،
وشروط الرواة: [في التحمل والآداء]،
وأصناف المرويات: [أنواع المصنفات من مسانيد، ومعاجم، وأجزاء، وأمالي وغيرها ... ]،
وفقة الرواية: [فقة الحديث]،
وعلل الحديث، وغيرها ...
وصاحب هذا الفن يسمى: (المحدث).
¥