ثم قال عقيب ذلك: ** نور على نور} وبذلك دعاه صلى الله عليه وسلم: ** أنت نور السموات والأرض} [متفق عليه] ثم ذكر حديث أبي موسى: ** حجابه النور - أو النار - لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه} [رواه مسلم] وقال: سبحات وجهه جلاله ونوره نقله عن الخليل وأبي عبيد وقال: قال عبد الله بن مسعود: نور السموات نور وجهه. .. ثم قال: ثم إن الله تعالى تعرف إلى عباده المؤمنين أن قال: له يدان قد بسطهما بالرحمة وذكر الأحاديث في ذلك ثم ذكر شعر أمية بن أبي الصلت.
ثم ذكر حديث: ** يلقى في النار وتقول: هل من مزيد؟ حتى يضع فيها رجله} وهي رواية البخاري وفي رواية أخرى يضع عليها قدمه.
ثم ما رواه مسلم البطين عن ابن عباس: أن الكرسي موضع القدمين وأن العرش لا يقدر قدره إلا الله.
وذكر قول مسلم البطين نفسه وقول السدي وقول وهب بن منبه وأبي مالك وبعضهم يقول: موضع قدميه وبعضهم يقول واضع رجليه عليه.
ثم قال: " فهذه الروايات قد رويت عن هؤلاء من صدر هذه الأمة موافقة لقول النبي صلى الله عليه وسلم متداولة في الأقوال ومحفوظة في الصدر ولا ينكر خلف عن السلف ولا ينكر عليهم أحد من نظرائهم نقلتها الخاصة والعامة مدونة في كتبهم إلى أن حدث في آخر الأمة من قلل الله عددهم ممن حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مجالستهم ومكالمتهم وأمرنا أن لا نعود مرضاهم ولا نشيع جنائزهم فقصد هؤلاء إلى هذه الروايات فضربوها بالتشبيه وعمدوا إلى الأخبار فعملوا في دفعها إلى أحكام المقاييس وكفر المتقدمين وأنكروا على الصحابة والتابعين، وردوا على الأئمة الراشدين فضلوا وأضلوا عن سواء السبيل.
إلى أن قال: ثم كان الاختلاف في القرآن مخلوقا وغير مخلوق فقولنا وقول أئمتنا إن القرآن كلام الله غير مخلوق وإنه صفة الله منه بدأ قولا وإليه يعود حكما.
ثم ذكر الخلاف في الرؤية وقال: قولنا وقول أئمتنا فيما نعتقد أن الله يرى في القيامة وذكر الحجة.
ثم قال: اعلم رحمك الله أني ذكرت أحكام الاختلاف على ما ورد من ترتيب المحدثين في كل الأزمنة وقد بدأت أن أذكر أحكام الجمل من العقود، فنقول ونعتقد: أن الله عز وجل له عرش وهو على عرشه فوق سبع سمواته بكل أسمائه وصفاته، كما قال: ** الرحمن على العرش استوى} و {يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه} ولا نقول إنه في الأرض كما هو في السماء على عرشه، لأنه عالم بما يجري على عباده. إلى أن قال: " ومما نعتقد أن الله ينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا في ثلث الليل الآخر ; فيبسط يده فيقول: " ألا هل من سائل " الحديث وليلة النصف من شعبان وعشية عرفة وذكر الحديث في ذلك. قال: ونعتقد أن الله تعالى كلم موسى تكليما.)) إلخ [10]
وقد سار على هذا جماعة حتى أن الإمام الألوسي المفسر صاحب روح المعاني بعد أن ذكر عقيدته وذكر أنها عقيدة الأشعري قال: ((فإن قلت: ليس جميع ما ذكرته مذهب الإمام الأشعري كما يفصح بذلك تتبع الكتب، بل هو مذهب الإمام أحمد بن حنبل، قلت: مذهب الإمام الأشعري عند المحققين والعلماء المنصفين هو مذهب الإمام [أي أحمد بن حنبل]، كما يبين ذلك كتابه الإبانة في أمور الديانة، وهو آخر كتاب صنفه وعليه تعتمد أصحابه في الذب عنه عند من يطعن عليه. قال فيه ... [ثم نقل عنه كلاماً في إثبات العلو والصفات الخبرية] ثم نقل نصاً للمحدث الشافعي إبراهيم بن حسن الكوراني ([11] يثني عليه بما فيه، قال فيه الكوراني على لسان الحنابلة: .. فنثبت له استقرارا حقيقاً فوق كل عرشه لأنه أثبت لنفسه في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم على وجه يليق بذاته، ويقتضيه كمال صفاته، وكذلك يقولون في النزول ونظائره)) غاية الأماني2/ 120 - 124
وهاهو الحافظ أبو العباس أحمد بن ثابت الطرقي صاحب اللوامع في الجمع بين الصحاح والجوامع يقول في بيان مسألة الاستواء من تأليفه:
((رأيت هؤلاء الجهمية ينتمون في نفي العرش وتأويل الاستواء إلى أبي الحسن الأشعري.
وما هذا بأول باطل ادَّعوه وكذب تعاطوه، فقد قرأت في كتابه المرسوم بـ (الإبانة عن أصول الديانة) أدلة من جملة ما ذكرته في إثبات الاستواء.
وقال في جملة ذلك: ومن دعاء أهل الإسلام جميعًا إذا هم رغبوا إلى الله تعالى في الأمر النازل [هم] يقولون: يا ساكن العرش.
¥