تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والسنة ثم يتبع ذلك بأقوال الصحابة والتابعين مع ذكره لأقوال الأئمة المتقدمين والمتأخرين ثم ينظر مع ذلك لأوجه اللغة العربية وفروعها مستخدماً أصول الفقه ومقاصد الشرعية وجاعلهما نصب عينيه فما ترجح له دليله أفتاه وما لم يترجح له دليله نقل من قال به من الصحابة والتابعين أو من الأئمة المعتبرين هذا مع احترامه وتوقيره لأئمة الإسلام ودافع عنهم ولا أدل على ذلك من تأليفه رسالة يدافع فيها عن أسباب اختلافهم واسم هذه الرسالة: رفع الملام عن الأئمة الأعلام و"ليس له مصنف ولا نص في مسألة ولا فتوى إلا وقد اختار فيه ما رجحه الدليل النقلي والعقلي على غيره وتحرى قول الحق المحض فبرهن عليه بالبراهين القاطعة الواضحة الظاهرة بحيث إذا سمع ذلك ذو الفطرة السليمة يثلج قلبه بها ويجزم بأنها الحق المبين وتراه في جميع مؤلفاته إذا صح الحديث عنده يأخذ به ويعمل بمقتضاه ويقدمه على قول كل قائل من عالم ومجتهد، وإذا نظر المنصف إليه بعين العدل يراه واقفاً مع الكتاب والسنة لا يميله عنهما قول أحد كائناً من كان ولا يراقب في الأخذ بعلومهما أحداً ولا يخاف في ذلك أميراً ولا سلطاناً ولا سوطاً ولا سيفاً ولا يرجع عنهما لقول أحد، وهو متمسك بالعروة الوثقى واليد الطولى وعامل بقوله تعالى: (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله وباليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً) (1)، وبقوله تعالى: (وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله) (2) " (3). فأسلوبه في التعليم هو نفس أسلوب الحنابلة حيث يستخرجون الأحكام العقدية والفرعية من النصوص لا يحيدون عنها بل قد نص هو على ذلك من اتباع الدليل من الكتاب والسنة وعدم الخروج عليها فقال: "وليس لأحد الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم ولا الخروج عن كتاب الله وسنة رسوله" (4)، والأمثلة التي تدل على مدى تمسكه بالدليل كثيرة كثيرة لكنني سأقتصر على الإشارة إلى أربعة أمور فقط:

الأول: كتبه وتآليفه فمن نظر إلى تآليف وكتب الإمام ابن تيمية يجد أنه يلتزم بالدليل فما من مؤلف له إلا ويورد فيه الأدلة من الكتاب والسنة وأقوال الأئمة بل كما وصفه الإمام الذهبي بقوله عن شيخه ابن تيمية: إنه كان "معظماً للشرائع ظاهراً وباطناً لا يؤتى من سوء فهم فإن له الذكاء المفرط ولا من قلة علم فإنه بحر زاخر ولا كان متلاعباً بالدين ولا ينفرد بمسائل بالتشهي ولا يطلق لسانه بما اتفق بل يحتج بالقرآن والحديث والقياس، ويبرهن ويناظر أسوة بمن تقدمه من الأئمة" (1).

الثاني: حرصه في كتاباته وتآليفه على البدء بخطبة الحاجة والتي كان النبي صلى الله عليه وسلم يفتتح خطبه بها "وقد جرى على هذا النهج شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية –رحمه الله- فهو يكثر من ذلك في مؤلفاته كما لا يخفى على من له عناية بها " (2).

الثالث: جعل أفعاله كلها تبع للسنة كتطبيق عملي للقرآن أن رجلاً سأله فقال له: "أنت تزعم أن أفعالك كلها من السنة فهذا الذي تفعله بالناس من عرك آذانهم من أين جاء هذا في السنة؟ فقال: حديث ابن عباس في الصحيحين قال: "صليت خلف رسول الله

صلى الله عليه وسلم ليلاً فكنت إذا أغفيت أخذ بآذاني" (3) حتى في مثل هذه الدعابة فإنه يتقيد بالدليل فلم يرد مخالفة السنة في الأمور التي تعرض للإنسان فجأة وهذا يدل على مدى تمسكه بالدليل.

الرابع: تطبيقه للسنة في أصعب المواقف وأحرجها: في الجهاد ومقارعة الأعداء ففي رمضان من سنة (702هـ) لما كانت وقعة شقحب حيث تلاقى المسلمون والتتار وخرج الإمام إلى ميدان القتال ثابت الجأش يثبت القادة والجنود "ووقف الفارس الجريء موقف الموت مقاتلاً وهو يثبت قلوب من حوله بقتاله وفعاله وقد التقى قبل أن يقف موقفه من القتال بالسلطان يحثه وجنده على الجهاد في سبيل الله وإحقاق الحق ورد المعتدين وكان قد بلغه أنه كاد يرجع فسأله السلطان أن يقف معه في المعركة فقال: السنة أن يقف الرجل تحت راية قومه ونحن من جيش الشام لا نقف إلا معهم" (4) فمع كونه له دور كبير في النصر وطلب السلطان منه أن يقف في صفه إلا أنه طبق تلك السنة من وقوف الرجل تحت راية قومه ثم جاء النصر من عند الله للمسلمين وانتصروا نصراً عظيماً مؤزراً وهذا يعكس بدوره تمسك هذا الإمام بالدليل حتى في أحلك المواضع وقد قال بعض من عاصره: "ما رأينا في عصرنا هذا من

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير