تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

تُستجلى النبوة المحمدية وسنتها من أقواله وأفعاله إلا هذا الرجل، بحيث يشهد القلب الصحيح أن هذا هو الاتباع حقيقة" (1)

المطلب الحادي عشر: أسرته وبيئته:

لقد تبوأ آل تيمية أعلى المنازل في دمشق وما حولها ثم زاد من انتشار صيتها بعض أفذاذ منهم جد الإمام ابن تيمية الإمام الشيخ مجد الدين ابن عبد السلام صاحب المنتقى ثم إن أباه الإمام الشيخ شهاب الدين أبا المحاسن عبد الحليم بن عبد السلام كان أيضاً ذا شهرة إذ كان حاكم بلده وخطيبها وفقيهها. إضافة إلى أن دمشق كانت موئل العلماء ومشكاتهم التي ينطلقون منها وكانت البيئة التي نشأ فيها الإمام علمية فهو يرى في والده إماماً مشهوراً وكذلك ما كان من مدارس الحديث والتي درس فيها كبار العلماء ممن شهدهم أو صيتهم طبق الآفاق وسمع الإمام عنهم وهو صغير ومنهم الإمام النووي، والعز بن عبد السلام فكان مسلكه مرتبطاً بالأدلة أيما ارتباط وكانت أسرته تسلك مسلك الحنابلة في الأصول والفروع وعليه شب الإمام حيث "كان الحنابلة يسلكون في دراسة عقائدهم مسلكهم في دراسة الفقه يستخرجون العقائد من النصوص كما يستخرجون الأحكام الفرعية من النصوص؛ لأن الدين مجموع الأمرين فما يسلك في تعرف أحدهما يسلك لا محالة لاستخراج الثاني" (2) ذلك أن أسرته اتجهت للعلم والخطابة والدعوة إلى الله على بصيرة فأثرت تلك الأسرة مع البيئة المحيطة به فأصبح محباً للعلم شغوفاً بتحصيله لا يبغي بدلاً منه شيئاً وهذا واضح فيه منذ صغره وقد أراد أبوه أن يشجعه وهو صغير على حفظ القرآن الكريم حيث حُكي"عن شيخه الذي علمه القرآن المجيد قال: قال لي أبوه وهو صبي – يعني الشيخ- أحب إليك أن توصيه وتعده بأنك إن لم تنقطع عن القراءة والتلقين أدفع إليك كل شهر أربعين درهماً. قال ودفع إلي أربعين درهماً، وقال: أعطه إياها فإنه صغير وربما يفرح بها فيزداد حرصه في الاشتغال بحفظ القرآن ودرسه وقل له: لك في كل شهر مثلها فامتنع من قبولها وقال: يا سيدي: إني عاهدت الله تعالى أن لا آخذ على القرآن أجراً ولم يأخذها" (1)، وهكذا ظهرت هذه النجابة نتيجة لما لمسه في أسرته وبيئته من اهتمام بالعلم والعمل ابتغاء وجه الله "فنشأ بها أتم إنشاء وأزكاه وأنبته الله أحسن النبات وأوفاه، وكانت مخايل النجابة عليه في صغره لائحة ودلائل العناية فيه واضحة [وقد لمع ذلك منذ صغره وذلك أنه] كان إذا أراد المضي على المكتب يعترضه يهودي كان منزله بطريقه بمسائل يسأله عنها لما كان يلوح عليه من الذكاء والفطنة وكان يجيبه عنها سريعاً حتى تعجب منه ثم إنه صار كلما اجتاز به يخبره بأشياء مما يدل على بطلان ما هوعليه فلم يلبث أن أسلم وحسن إسلامه" (2) فبيئة الإنسان هي المُوجِّه الأول مع الأسرة إلى توجيهه إلى التعلم أو ترك التعلم وكذلك إلى تعلم فن من الفنون لذا فقد اتجه الشيخ إلى الدراسة العلمية فحسب منذ صغره وكان يحضر محافل الكبار ويستمع إلى طرح القضايا العلمية واللغوية وكيفية إيراد الأدلة وماهية استنباطها مما جعل له ملكة علمية مميزة انبثق منها بعد ذلك علمه وانتشرت منها معارفه والتي طبقت الآفاق.

المطلب الثاني عشر: تبحره في علمي المنقول والمعقول:

الباحث في تراجم أعلام المسلمين ممن كانت لهم قدم راسخة في العلوم الشرعية لا يجد صعوبة تذكر من حيث التنقيب واستخلاص المعلومات عن أمثال هؤلاء العلماء لكثرتهم وكثرة من ترجم لهم حيث وصفوا بأن لهم قصب السبق في فهم النصوص الشرعية وحفظها واستحضارها بأدلة باهرة قاطعة وستكون مادة كتابته ثرية وسيجد هناك أرضاً خصبة لتعدد من ترجم لعلماء الأمة الإسلامية شرقاً وغرباً من ذلك الصنف والذين حملوا علوم الشريعة حفظاً وعلماً وعملاً وتبياناً وتعليماً. وكذلك الأمر بالنسبة لعلماء الأمة الإسلامية الباحثين في العلوم العربية أو العقلية أو الطبيعية والرياضيات والفلك ... إلخ ولكن الصعوبة تكمن إذا أراد باحث أن يترجم لعلم من أعلام الأمة الإسلامية جمع بين العلوم الشرعية والعربية والعقلية والمنطقية والديانات الأخرى في آن واحد وهذا لا يعني أنهم غير موجودين لكن يحتاج الباحث إلى بعض العناء وشيء من المشقة في التنقيب على أمثال هؤلاء مع الاطلاع على ما كتبوه من كتابات وتلك الصعوبة وهذه المشقة اللتان ستقابلان الباحث في محاولة ترجمته لمثل هؤلاء الأماجد

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير