تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومأخذ الخلاف وترجيح القول الراجح وذكر متعلقات المسألة التي ربما تكون أنفع للسائل من مسألته فيكون فرحه بتلك المتعلقات واللوازم أعظم من فرحه بمسألته وهذه فتاويه – رحمه الله- بين الناس، فمن أحب الوقوف عليها رأى ذلك فمن جود الإنسان بالعلم: أنه لا يقتصر على مسألة السائل بل يذكر له نظائرها ومتعلقها ومأخذها بحيث يشفيه ويكفيه" (4) وهذه حال هذا الإمام مع من يسأله كلها كرم.

2 - " ورعه: فكان من الغاية التي يُنتهى إليها في الورع؛ لأن الله تعالى أجراه مدة عمره كلها على الورع، فإنه ما خالط الناس في بيع ولا شراء ولا معاملة ولا تجارة ولا مشاركة ولا مزارعة ولا عمارة ولا كان ناظراً أو مباشراً لمال وقف ولم يقبل جراية ولا صلة لنفسه من سلطان ولا أمير ولا تاجر ولا كان مدخراً ديناراً ولا درهماً ولا طعاماً وإنما كانت بضاعته مدة حياته وميراثه بعد وفاته –رضي الله عنه- العلم اقتداءً بسيد المرسلين وخاتم النبيين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين فإنه قال: (إن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً إنما ورثوا العلم فمن أخذ به أخذ بحظ وافر) () والاتصاف بصفة الورع من أبرز صفات العالم الرباني؛ ذلك أنه متطلع إلى ما عند الله متسامياً عن الدنيا ومترفعاً على مناصبها وزخارفها.

3 - كراماته وفراسته: لقد أظهر الله تعالى على يدي هذا الإمام كرامات وأعطاه فراسة عرفت عنه وشاهدها من رافقه؛ وذلك لاتباعه للكتاب والسنة وهدي السلف الصالح ومنها ما حكاه الإمام البزار نفسه وشاهده حيث قال: " جرى بيني وبين بعض الفضلاء منازعة في عدة مسائل وطال كلامنا فيها وجعلنا نقطع الكلام في كل مسألة بأن نرجع إلى الشيخ وما يرجحه من القول فيها ثم إن الشيخ رضي الله عنه حضر فلما هممنا بسؤاله عن ذلك سبقنا هو وشرع يذكر لنا مسألة مسألة كما كنا فيه وقال: وكنت في خلال الأيام التي صحبته فيها إذا بحث مسألة يحضر لي إيراد فما يستتم خاطري به حتى يشرع فيورده ويذكر الجواب من عدة وجوه وحكى عن رجل أنه قدم دمشق وأنفق ما معه فقابله الشيخ ولم يعرفه فجاءه وهش في وجهه ووضع في يده صرة فيها دراهم صالحة فسأل من هذا؟! قالوا: هذا ابن تيمية وإنه لم يمر بهذا الدرب منذ مدة طويلة وحدث عن شخص آخر قال: إنه ذهب إلى مصر ومرض ولم يعرف أحد بحاله واتفق أن ذلك كان حين إقامة الشيخ بها فما أحس إلا بمن يناديه باسمه وكنيته فدخل عليه ناس وسألوه عن مرضه ونقلوه فقال لهم: كيف عرفتم بقدومي وأنا قدمت في هذه الساعة؟ فذكروا أن الشيخ أخبرنا بأنك قدمت وأنت مريض وحكى أن من عادة الشيخ أنه كان يزور المرضى في البيمارستان بدمشق في كل أسبوع فجاء على عادته فعادهم فوصل إلى شاب منهم فدعا له فشفي سريعاً وجاء إلى الشيخ يقصد السلام عليه فلما رآه هش له وأدناه ثم دفع إليه نفقة وقال: قد شفاك الله فعاهد الله أن تعجل الرجوع إلى بلدك، أيجوز أن تترك زوجتك وبناتك أربعاً ضيعة وتقيم هاهنا؟! فقبل يده وقال: يا سيدي أنا تائب إلى الله تعالى وقال الفتى: وعجبت مما كاشفني به وكنت قد تركتهم بلا نفقة ولم يكن قد عرف بحالي أحدٌ من أهل دمشق .. وكرامات الشيخ رضي الله عنه كثيرة جداً ومن أظهر كراماته أنه ما سمع بأحد عاداه أوغض منه إلا وابتلي بعده بلايا غالبها في دينه وهذا ظاهر مشهور لا يحتاج منه إلى شرح صفته" (1).

2 - تواضعه وعدم تكبره: وهذا الخلق عرفه كل من رأى الشيخ أو تعامل معه فلم يعهد عليه تكبر على أحدٍ من خلق الله بل كان دائم التودد إلى الناس خاصة عوام الناس والمرضى والمساكين والمعوزين فقد كان يختلط بهم ويتكلم معهم ويتعرف أخبارهم ويقضي لهم حاجاتهم كما كان يذهب إلى الظلمة ويرد إلى المسلمين الضعاف أموالهم كما حدث مع قطلوبك الكبير وكذلك كان حريصاً على زيارة المرضى في البيمارستان كل أسبوع ولا يشغله علمه وتعليمه وجهاده عن فعل تلك الأشياء فكانت محبته في قلوب الصغار والكبار حكاماً ومحكومين وعندما يقابل محتاجاً أو مسكيناً يهش في وجهه ويعطيه ما تيسر وأحق الناس بالكلام عن تلك الصفة من عاشره ولازمه من تلاميذه كما قال الحافظ البزار: "وأما تواضعه فما رأيت ولا سمعت بأحد من أهل عصره مثله في ذلك، كان يتواضع للكبير والصغير والجليل والحقير والغني والصالح والفقير،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير