تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فهذه بعض مؤلفاته هذا الإمام الجليل والتي صارت مرجعاً وحجة للعلماء من بعده مما يدل على رسوخ قدمه في العلوم النقلية والعقلية وقد علق الشيخ السيد محمد رشيد رضا (1) على بعض تآليف هذا الإمام قائلاً: "رحم الله شيخ الإسلام وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء؛ فوالله إنه ما وصل إلينا من علم أحد منهم] أي من العلماء السابقين [ما وصل إلينا من علمه في بيان حقيقة هذا الدين وحقيقة عقائده وموافقة العقل السليم وعلومه للنقل الصحيح من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بل لا نعرف أحداً منهم أوتي مثل ما أوتي من الجمع بين علوم النقل وعلوم العقل بأنواعها مع الاستدلال والتحقيق دون المحاكاة والتقليد" (2) وقال: "ومن الغريب أن هذه المسائل كان يكتبها شيخ الإسلام أو يمليها من غير مراجعة كتابٍ من الكتب وهي من الآيات البينات والبراهين الواضحات على أن هذا الرجل من أكبر آيات الله في خلقه أيد بها كتابه الذي قال فيه إنه: (يهدي للتي هي أقوم) (3) وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما كان عليه السلف الصالح من فهمها والاعتصام بها ويعلم من كل فتوى منها – بَلْهَ جملتها ومجموعه- أنه رحمه الله تعالى قد جمع من العلوم النقلية والعقلية الشرعية والتاريخية والفلسفية ومن الإحاطة بمذاهب الملل والنحل وآراء المذاهب ومقالات الفرق حفظاً وفهماً ما لا نعلم مثله عن أحد من علماء الأرض قبله ولا بعده وأغرب من حفظه لها استحضاره إياها عند التكلم والإملاء والكتابة" (4) وكثرة مؤلفاته في العلوم المختلفة وتمكنه منها ورده على أرباب الملل والنحل والمذاهب من نفس حججهم وأدلتهم وأقوال أئمتهم شهد له به أكابر معاصريه من الموافقين أو من المخالفين وخير شاهد على ذلك أن المناظرات التي كانت تعقد له كان يشهدها الأمراء وأحياناً السلطان مع حضور أكابر الخصوم من القضاة أو العلماء ثم بعد أن ينفض المجلس يقرون بقوته العلمية لكن يخالفوه في حجته واستدلاله لمنصبٍ أو هوىً ومما يشهد لذلك أيضاً تلقي العلماء لكتبه بالقبول في أنحاء العالم مع الإكبار والإشادة بها والاستفادة منها عبر العصور والأيام.

المبحث الثاني: بعض اختياراته:

المتتبع لمؤلفات كبار العلماء يجد أن لهم عدة آراء اختاروها ودعوا إليها وإنما يحدث هذا إذا تبحر العالم وتضلع في العلوم فإنه لسعة علمه يفتي بما ترجح له دليله غير متقيد بمذهب أو إمام ولكل إمام من الأئمة السابقين اختيارات عرفت واشتهرت بنسبتها إليهم كما هو معروف في اختيارات الأئمة الأربعة وهي ما يعبر عنها بعض الفقهاء بقولهم: مفردات الإمام الفلاني والإمام ابن تيمية كغيره من كبار العلماء له اجتهادات واختيارات عرفت واشتهرت ونسبت إليه بإفتائه في بعض مؤلفاته أو تناقلت عبر تلاميذه الذين يذكرون تلك المسائل في كتبهم ويذكرها العلماء عنه حيث أفتى بها من تغير تقيد بمذهب معين بل بما أداه إليه اجتهاده وهو متقيد بالكتاب والسنة وبما ثبت عن سلف الأمة "ولكن مع هذا نراه أميل إلى المذهب الحنبلي أيضاً" (1) ومن تتبع المسائل التي يذكرها هذا الإمام يجدها أقرب ما تكون إلى تصورات الحنابلة فمن تصور باباً من العلم على تصور الحنابلة ثم قرأه من مؤلفات الإمام ابن تيمية يجدها من مشكاة واحدة؛ لأنه في بدايته تلقى العلم على أصولهم وتصوراتهم ... وقد ألمح ملخصاً الشيخ محمد أبو زهرة الأسس التي تدور عليها هذه الاختيارات فقال: "ولقد كان أساس الاختيار كما يبدو يدور حول أقطاب ثلاثة:

أولها: القرب من الآثار فهو حريص على ألا يختار غرائب الفقه بل يختار ما له اتصال أوثق بمصدره.

ثانيها: القرب من حاجات الناس ومألوفهم وتحقيق مصالحهم والعدالة فيهم فإنه بعد استيثاقه من الاتصال بين الحكم والمصدر الشرعي من كتاب أو سنة يختار الأعدل والذي يلائم العصر ويتفق مع الحاجات.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير