تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2 - قولهم بأنه خرق الإجماع: وساقهم إلى قول ذلك ما انفرد به من مسائل أفتى بها بما أداه إليه اجتهاده ومنها ما وافق الأئمة الأربعة ومنها وافق فيها أحدهم وله مسائل خالف فيها الأئمة الأربعة فالذين عندهم اطلاع على كلام الأئمة واجتهاداتهم وانفراد كثير من الأئمة بمسائل عرفت عنهم يعلمون أن مخالفته لبعضهم أو لهم جميعاً لا يعد خرقاً للإجماع؛ وذلك لسببين:

الأول: ليس الإجماع قاصراً على مخالفة الأئمة الأربعة بل الإجماع: هو أن يجتمع علماء المسلمين على حكم من الأحكام وحينئذ لا يجوز لأحد من العلماء كائناً من كان أن يخرقه وأن يخرج عليه كما قال الإمام ابن تيمية نفسه: "معنى الإجماع: أن يجتمع علماء المسلمين على حكم من الأحكام وإذا ثبت إجماع الأمة على حكم من الأحكام لم يكن لأحد أن يخرج عن إجماعهم؛ فإن الأمة لا تجتمع على ضلالة" (1) وقال أيضاً: "وأما أقوال بعض الأئمة كالفقهاء الأربعة وغيرهم فليس حجة لازمة ولا إجماعاً باتفاق المسلمين" (2) فهو أسمى من أن يخرق الإجماع ويشق وحدة المسلمين وهل يعقل ذلك مع ما أُوتي من علم وفهم وصلاح؟!

الثاني: ما عرف عن الإمام ابن تيمية من التزام بالكتاب والسنة وهذا متناثر في جميع مؤلفاته بلا استثناء.

"وأما الذين لا يملكون نظرة واسعة حول الخلافيات أو أنهم يسمحون بالتفرد والشذوذ للمتقدمين لكنهم لا يرون في ذلك مندوحة للمعاصرين مهما بلغوا من التفوق والكمال شأواً بعيداً فقد أصبح لهم هذا التفرد أيضاً مبعثاً للمخالفة وفساد العقيدة والضلال ودليلاً على خرق الإجماع" (3) وقد قال الإمام برهان الدين ابن الإمام ابن القيم: "لا نعرف مسألة خرق فيها الإجماع ومن ادعى ذلك فهو إما جاهل وإما كاذب ولكن ما نسب إليه الانفراد ينقسم إلى أربعة أقسام: الأول: ما يُستغرب جداً فيُنسب إليه أنه خالف فيه الإجماع؛ لندور القائل به وخفائه على الناس لحكاية بعضهم الإجماع على خلافه الثاني: ما هو خارج عن مذاهب الأئمة الأربعة وقال بعض الصحابة أو التابعين أو السلف به والخلاف فيه محكيّ.

الثالث: ما اشتهرت نسبته إليه مما هو خارج عن مذهب الإمام [أحمد] رضي الله عنه (4)

لكن قد قال به غيره من الأئمة وأتباعهم.

الرابع: ما أفتى به واختاره مما هو خلاف المشهور في مذهب أحمد وإن كان محكياً عنه وعن بعض أصحابه" (1) فظهر من ذلك أن الإمام ابن تيمية في فتاواه إنما هو مجتهد متمسك بالدليل مجل للإجماع ولأئمة الإسلام ويشهد لهذا أيُّ مؤلف من مؤلفاته فإنها طافحة بذكر الأدلة من الكتاب والسنة وأقوال سلف الأمة.

3 - "قالوا إنه يحرم الطرق الصوفية: وجواباً عن هذا الموضوع ننقل عبارة الشيخ رحمه الله في هذا: قال رحمه الله: (الحمد لله أما لفظ الصوفية فإنه لم يكن مشهوراً في القرون الثلاثة وإنما اشتهر التكلم به بعد ذلك - إلى أن قال:- ولأجل ما وقع من كثير منهم من الاجتهاد والتنازع تنازع الناس في طريقهم فطائفة ذمت الصوفية والتصوف وقالوا: إنهم مبتدعون خارجون عن السنة ونقل عن طائفة من الأئمة في ذلك من الكلام ما هو معروف وتبعهم على ذلك طوائف من أهل الفقه والكلام وطائفة غلت فيهم وادعوا أنهم أفضل الخلق وأكملهم بعد الأنبياء وكلا طرفي هذه الأمور ذميم والصواب أنهم مجتهدون في طاعة الله كما اجتهد غيرهم من أهل طاعة الله ففيهم السابق المقرب بحسب اجتهاده وفيهم المقتصد الذي هو من أهل اليمين وفي كل من الصنفين من قد يجتهد فيخطئ وفيهم من يذنب فيتوب أو لا يتوب ومن المنتسبين إليهم من هو ظالم لنفسه عاصٍ لربه وقد انتسب إليهم طوائف من أهل البدع والزندقة ولكن عند المحققين من أهل التصوف ليسوا منهم كالحلاج (2) مثلاً) (3) هذا كلامه –رحمه الله- في التصوف المعتدل المعروف في وقته وقبله، أما التصوف المنحرف في وقته وبعده فلا أحد يجيزه؛ فالطرق الصوفية تغيرت ودخلها من البدع والخرافات و الشركيات الشيء الكثير فيجب تركها والابتعاد عنها وملازمة السنة" (4) وعلى كل من انتسب إلى الصوفية أو أدعى أنه من أهل التصوف فلا يحكم عليه بضلالة ولا بهدى إلا بعد عرضه على الكتاب والسنة وما عليه سلف الأمة وحاله لا يخلو كما أشار الإمام ابن تيمية من حالات ثلاثة: إما سابق بالخيرات وإما مقتصد وإما ظالم لنفسه كما قال الله تعالى في كتابه: (ثم أوثنا الكتاب الذين اصطفينا من

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير