وقد نظرنا من هو إمام الظاهرية ومؤسس مذهبهم في إنكار القياس، فوجدناه إبراهيم النظّام. وهو المعتزلي الخبيث الذي عشق فتىً نصرانياً فوضع له كتاباً في تفضيل التثليث على التوحيد. وكان إمامهم النّظَّام شاطرا من الشطار (أي قاطع طريق). يغدو على سكر، ويروح على سكر، ويبيت على جرائرها. ويدخل في الأدناس، ويرتكب الفواحش والشائنات. وهو القائل:
ما زلت آخذ روح الزّق في لطف * وأستبيح دماً من غير مجروح
حتى انثنيت -ولي روحان في جسدي * والزق مطرح- جسم بلا روح
وكان حاد اللسان، سيء الخلق، منكراً للقياس، جاحداً للإجماع، معتداً بنفسه، وناسباً الأمة إلى الاجتماع على الضلالة. وقال: «قد يجوز أن يجمع المسلمون جميعا على الخطأ»! وهذه قد صارت هذه الأفكار أصولاً لمذهب الظاهرية. فمن ابن داود الظاهري الذي رمى الإمام السني ابن جرير الطبري بالعظائم والرفض. إلى ابن حزم الظاهري الذي وصفه الآلوسي في تفسيره (21\ 76) بأنه: «الضال المضل». إلى العبدري المجسّم البذيء اللسان المتطاول على الأئمة الأبرار بالشتائم والسباب. إلى ابن طاهر الإباحي، صاحب فتوى استباحة النظر إلى المردان بشهوة. إلى الأقزام الظاهرية المعاصرين الذين صعدوا على الأكتاف، وقالوا بآراء ابن حزم الشاذة، ونشروها بين الناس، ودافعوا عنها، وشوَّشوا على طلاب العلم. ولما أخذوا هذه الأقوال، وتبنوها، أخذوا معها أخلاق ابن حزم، ونَفَسَه في الردِّ على مخالفيه، والقسوة عليهم، ولو كانوا إخواناً لهم. فحسبنا الله ونعم الوكيل.
وما علمنا تبنى هذا المذهب الظاهري الشاذ من الفرق، إلا الرافضة والخوارج وطائفة من المعتزلة. فبئس السلف هذا.
الفقه هو القياس. ولذلك الظاهرية ليسوا من أهل الفقه. ولا تظن أنهم من أهل الحديث أيضاً. فها هم أهل الحديث ينتمون للمذاهب الفقهية المعروفة: ابن معين حنفي، وأبو داود حنبلي، والنسائي والدراقطني وابن خزيمة شافعية، عدا من كان إماماً مجتهداً في نفسه كمالك وأحمد والبخاري. وقد أشار الحافظ ابن رجب إلى التفريق بين الظاهرية وبين أهل الحديث. وبينهما فرق شاسع ولله الحمد.
ثم إن أنكر الظاهري القياس والإجماع، فأي فرق بين الظاهري وبين العامي؟ بل العامي أفقه من أئمة الظاهرية. والذي لا شك فيه عند كل ذي عقل له معرفة بشيء من اللغة العربية، أنه أول ما يقرأ قوله تعالى {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} يفهم من أن النهي عن قول "أف" للوالدين، يستلزم كذلك النهي عن الأعظم من ذلك كالضرب واللعن والقتل. حتى الطفل يفهم هذا، فضلا عن العاقل البالغ. أما ابن حزم فيقول أن هذا النهي «ليس نهياً عن القتل ولا عن الضرب ولا عن القذف، وأنه إنما هو نهي عن قول (أف) فقط»!
قال شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى (1\ 327) وفي مجموع الفتاوى (21\ 207): «ومن لم يلحظ المعاني من خطاب الله ورسوله، ولا يفهم تنبيه الخطاب وفحواه من أهل الظاهر، كالذين يقولون إن قوله {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} (الإسراء: من الآية23) لا يفيد النهي عن الضرب!! وهو إحدى الروايتين عن داود، واختاره ابن حزم. وهذا في غاية الضعف. بل وكذلك قياس الأَولى، وإن لم يدل عليه الخطاب، لكن عُرِفَ أنه أولى بالحُكم من المنطوق بهذا. فإنكاره من بدع الظاهرية التي لم يسبقهم بها أحدٌ من السلف. فما زل السلف يحتجون بمثل هذا».
وأختم مقالي بمقولة بليغة للحافظ ابن رجب الحنبلي: «وفي زماننا يتعيّن كتابة كلام أئمة السلف المقتدى بهم إلى زمن الشافعي وأحمد وإسحاق وأبي عبيد. وليكن الإنسان على حذر مما حدث بعدهم. فإنه حدث بعدهم حوادث كثيرة. وحدث من انتسب إلى متابعة السنة والحديث من الظاهرية ونحوهم (يقصد ابن حزم)، وهو أشد مخالفة لها، لشذوذه عن الأئمة وانفراده عنهم بفهم يفهمه، أو يأخذ ما لم يأخذ به الأئمة من قبله».
ـ[الدرعمى]ــــــــ[09 - 07 - 04, 12:07 م]ـ
الأخ الكريم محمد الأمين
دع أخانا المقاتل يسرد ما عنده ثم تفضل بما يليق من جواب فإن إفراطنا فى الهجزم هو دعوة للتعاطف مع هذا المذهب و قد ردوا الأصوليون على ابن حزم بما يليق بمكانته ومكانتهم ولا نرى أخانا المقاتل إلا ناقلا عن ابن حزم رحمه الله تعالى ولا صلة له بالنظام
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[09 - 07 - 04, 12:57 م]ـ
¥