تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ففهم العقل فهماً حتمياً أن للأب الثلثين وإن لم يرد ذلك نصاً، ولم يحتم العقل هذا الفهم إلا بدلالة لغوية من النص ذاته.

ذلك أنه ورد في النص أن أبويه وارثان، ولم يذكر وارث غيرهما، ونص على أن أحد الأبوين وهو الأم يأخذ الثلث.

فصح أن مابقي من الإرث لمن بقي من الورثة ولم يبقى من الورثة بالنص غير الأب ولم يبق من الإرث بالعقل والحس غير الثلثين.

ولو جاء في الأية: وله أبوان لما تحتم هذا الفهم، وإنما تحتم بدلالة من النص وهو (وورثه أبواه) فنص على أن الأب وارث.

وأما الحتمية الحسية فكقوله تعالى:

(الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم).

فبضرورة العقل التي اكتسبها من ضرورة حسية علمنا أن المراد ناساً معينين لا كل الناس منذ فجر البشرية.

بعد هذه التوطئة أقول المراد بالظاهر: ظاهر الشرع، فالاكتفاء به يعني الاكتفاء بما يسمى شرعاً. ورد ما سواه يعني المنع من تسميته شرعاً. فأهل الظاهر يكتفون بالظاهر الشرعي " في رد مايعارضه مما يظن أنه أولى منه من المعقولات بغير الشرع " لأن المعقول بالشرع بعض المعقولات فلا يمكن أن ينفي معقوليته آخر، وهذا بخلاف المعرفة الشرية التي لها مصادر غير ظاهر الشرع، ولكل مصدر زظيفته ولكننا نماري في تسمية المعقول من هذه المصادر شرعياً، لأنه غير وارد بظاهر الشرع.

وقصارى القول إن الاكتفاء بالظاهر نتيجة للأخذ بالظاهر وهو نتيجة حتمية لتمييز الشرعي من غيره، فالشرعي مانطق به الشرع، وهو الظاهر، فكان مالم ينطق به حتماً غير شرعي.

الخلاصة: أن من أخذ بالظاهر واكتفا به فهو من أهل الظاهر وإلا فلا.

* من أراد أن ينتسب إلى أهل الظاهر فما عليه إلا أن " يستكثر من تتبع الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وجعل كل ذلك دأبه ووجه إليه همته واستعان بالله عز وجل واستمد منه التوفيق وكان معظم همه ومرمى قصده الوقوف على الحق والعثور على الصواب من دون تعصب لمذهب من المذاهب وجد فيهما ما يطلبه فإنهما الكثير الطيب والبحر الذي لا ينزف والنهر الذي يشرب نته كل وارد عليه العذب الزلال والمعتصم الذي يأوي إليه كل خائف فاشدد يديك على هذا فإنك إن قبلته بصدر منشرح وقلب موفق وعقل قد حلت به الهداية وجدت فيهما كل ما تطلبه من أدلة الأحكام التي تريد الوقوف على دلائلها كائناً ما كان، فإن استبعدت هذا المقال واستعظمت هذا الكلام وقلت كما قاله كثير من الناس إن أدلة الكتاب والسنة لا تفي بجميع الحوادث فمن نفسك أتيت ومن قبل تقصيرك أصبت وعلى نفسها براقش تجني وإنما تنشرح لهذا الكلام صدور قوم وقلوب رجال مستعدين لهذه المرتبة العلية " (إرشاد الفحول 433 ـ 434).

* أصول الظاهرية ليست معدومة بل هي شاخصة قائمة للعيان وهي: التقيد بنصوص الكتاب والسنة الصحيحة،وطرح التقليد،مع كثرة الاشتغال بالعلوم التي هي آلات علم الكتاب والسنة، من نحوٍ، وصرفٍ، وبيانٍ،وأصولٍ، ولُغةٍ، قال الإمام الحجة ابن حزم ـ رحمه الله ـ: وما نحض أصحابنا وغيرهم، ولا نملأ كتبنا إلا بالأمر باتباع القرآن وسنن النبي صلى الله عليه وسلم وإجماع الأمة، ومطالعة الصحابة والتابعين، ومن بعدهم من العلماء، وعرضها على كلام الله عز وجل، وكلام نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فلأيِّها شَهِدَا قلناه ".

فلو طالعت كتاب الإمام ابن حزم " الإحكام في أصول الأحكام " لوجدت فيه البساطة والتسهيل وعدم التعقيد وقد شحنه بدلائل الشرع وبراهين الشرع بخلاف الكتب الأصولية الأخرى تجد فيها صعوبة وتعقيد، وقلة الأدلة الشرعية مع التوسع في علم الكلام والمنطق. من أجل ذلك اتفقت كلمة أئمة العصر الكبار: أحمد شاكر، والألباني، وبديع الراشدي السندي، ومقبل بن هادي الوادعي على أفضلية كتاب ابن حزم على غيره وأنه لم يؤلف مثله ـ أي في الأصول ـ.

* أما موقف الإمام الشوكاني ـ رحمه الله ـ في القياس فقد ناقش هذه القضية في كتابه " إرشاد الفحول " ثم ختم بحثه بقوله:

" وإذا عرفت ما حرّرناه وتقرر لديك جميع ما قرّرناه فاعلم أن القياس المأخوذ به هو ما وقع النص علته وما قطع فيه بنفي الفارق وماكان من باب فحوى الخطاب أو لحن الخطاب على اصطلاح من يسمي ذلك قياساً وقد قدمنا أنه من مفهوم الموافقة (1).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير