تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

* خطأ الإمام ابن حزم ـ رحمه الله ـ في باب الصفات، ليس ذلك لأنه ظاهري أو رفض القياس، بل سبب ذلك أنه أخطأ في تطبيق أصول أهل الظاهر، والخطأ في التطبيق غير الخطأ في التأصيل.

فهذا الإمام الكبير داود بن علي وأكابر أصحابه كانوا من المثبتين للصفات، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " شرح العقيدة الأصفهانية ": وأيضاً فإن إمامهم داود وأكابر أصحابه كانوا من المثبتين للصفات على مذهب أهل السنة والحديث ..

قال مبارك: بينما نجد أكثر أهل القياس على مذهب الأشاعرة والماتريدية.

ولا يخفى أن القياس ليس له مدخل في اسماء الله وصفاته؛ لأن اسماء الله وصفاته يجب أن نمررها حسب ظواهر الشرع وقطعياته وموجبات العقل، وقضايا الأسماء والصفات لا تؤخذ من ظواهر العقل المجرد، وإنما تؤخذ من الظواهر النصية ومن قضايا العقل الحتمية التي كونها العقل بالفهم والاستنباط والتمييز من جملة نصوص شرعية وأصول إسلامية، والعقل مضطر إلى الإيمان بالكمال المطلق في اسمائه وصفاته، ولا يجوز له أن يسمي الله بصفة كمال إلا حيث ورد النص، ولا مجال له في تصوير الكيفية مطلقاً.

ولا أريد الاطالة لأنني تكلمت حول هذه النقطة في مشاركة سابقة فليرجع إليها من يريد إيضاح وزيادة بيان.

* الإمام ابن حزم ـ رحمه الله ـ ينكر القياس إذا لم يجمع بين الطرفين دلالة لغوية، أما إذا كان المقيس مدلولا عليه باللغة كقياس الوخز بالابر في المقاصة على القتل بالسيف بجامع الاعتداء، فهذا المعول فيه النص اللغوي الذي ورد به الشرع وهو قوله تعالى: (فمن اعتدى) فالوخز اعتداء، والضرب باليسف اعتداء، ونحن على المقاصة في الاعتداء مالم يقم دليل على التخصيص أو الالغاء، قال ابن حزم في " الإحكام ": ظن قوم بجهلهم أن قولنا بالدليل خروج منا عن النص والإجماع، وظن آخرون أن القياس والدليل واحد، فأخطؤا في ظنهم أفحش خطأ ......

وكلام ابن حزم حول الدليل الذي يتميز به المذهب الظاهري ولا يمكن تصور المذهب الظاهري إلا من خلال هذا الأصل ماتع جدا بل غاية في النفاسة، وروعة في الجمال، ولولا طوله لنقلته هاهنا لعزته انظر: الإحكام (5/ 105 ـ 108)

نموذج للخلط بين الدليل والقياس:

قال الإمام أبو محمد بن حزم ـ رحمه الله ـ: ومن أكل وهو يظن أنه ليل أو جامع كذلك أو شرب كذلك فإذا به نهار إما بطلوع الفجر وإما بأن الشمس لم تغرب: فكلاهما لم يتعمد إبطال صومه، وكلاهما ظن أنه في غير صيام، والناسي ظن أنه في غير صيام ولا فرق، فهما والناسي سواء ولا فرق.

وليس هذا قياساً ـ ومعاذ الله من ذلك ـ وإنما يكون قياساً لو جعلنا الناسي أصلاً ثم شبهنا به من أكل وشرب وهو يظن أنه في ليل فإذا به في نهار، ولم نفعل هذا بل كلهم سواء في قول الله تعالى " ليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم " وفي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله تجاوز لأمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ".

قال العلامة الكبير أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري ـ حفظه المولى تعالى ـ:

إلا أن محقق المحلى تعقبه فقال: سواء رضي المؤلف أن يكون هذا قياساً أو لم يرضى فإنه قياس في الحقيقة على الناسي؛ لأن النص لم يدل على عدم بطلان صوم من أفطر ظاناً في ليل، والقياس على الناسي ـ الذي ذكره المؤلف ـ قياس صحيح، وإن تحاشى هو أن يسميه قياساً.

قال أبو عبدالرحمن ـ أي ابن عقيل ـ: لا والله ليس هذا قياساً، وإنما رأيت كثيراً من المتمذهبين تعوزهم الدقة، ولجلاء اللبس أقول هاهنا أمور:

أ ـ تماثل الخطأ والنسيان في عدم القصد، أي أن الناسي والمخطىء غير عامدين للمخالفة.

ب ـ عدم العمد نتيجة حتمية لمعنى الخطأ والنسيان لغة؛ لأن المخطىء من ضل مراده فلم يصبه وأصاب غيره ولا يكون مخطئا حتى يكون غير عامد.

ولهذا عرفت المعجمات الخطأ بأنه ضد الصواب بشرط عدم التعمد، فإن كانت مفارقة الصواب عمداً فهو خطأ بكسر الخاء والنسيان لغة ضد الحفظ، وهو بمعنى الترك، والترك أعم من النسيان، وإنما يتخصص النسيان بهذا القيد (الترك دون تعمد).

والخطأ أيضاً (ترك للصواب دون تعمد).

والفارق بينهما: أن المخطىء ترك الصواب وهو يحسب أن الصواب ما هو فيه أما الناسي فقد ترك الصواب؛ لأنه غاب عن حافظته أنه مطلوب منه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير