تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

برهان ذلك قول الله عز وجل: {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} فلم يأمرنا عز وجل قط بطاعة بعض أولي الأمر , فمن قلد عالما أو جماعة علماء فلم يطع الله تعالى، ولا رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا أولي الأمر , وإذا لم يرد إلى من ذكرنا فقد خالف أمر الله عز وجل ولم يأمر الله عز وجل قط بطاعة بعض أولي الأمر دون بعض.

فإن قيل: فإن الله عز وجل قال: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}

وقال تعالى: {ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم}

قلنا: نعم , ولم يأمر الله عز وجل أن يقبل من النافر للتفقه في الدين رأيه , ولا أن يطاع أهل الذكر في رأيهم، ولا في دين يشرعونه لم يأذن به الله عز وجل , وإنما أمر تعالى بأن يسأل أهل الذكر عما يعلمونه في الذكر الوارد من عند الله تعالى فقط , لا عمن قاله من لا سمع له، ولا طاعة , وإنما أمر الله تعالى بقبول نذارة النافر للتفقه في الدين فيما تفقه فيه من دين الله تعالى الذي أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم لا في دين لم يشرعه الله عز وجل.

ومن ادعى وجوب تقليد العامي للمفتي فقد ادعى الباطل وقال قولا لم يأت به قط نص قرآن، ولا سنة، ولا إجماع، ولا قياس , وما كان هكذا فهو باطل لانه قول بلا دليل , بل البرهان قد جاء بإبطاله , قال تعالى ذاما لقوم قالوا: {إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا} والاجتهاد إنما معناه بلوغ الجهد في طلب دين الله عز وجل الذي أوجبه على عباده , وبالضرورة يدري كل ذي حس سليم أن المسلم لا يكون مسلما إلا حتى يقر بأن الله تعالى إلهه لا إله غيره , وأن محمدا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الدين إليه وإلى غيره , فإذ لا شك في هذا فكل سائل في الأرض عن نازلة في دينه , فإنما يسأل عما حكم الله تعالى به في هذه النازلة , فإذا لا شك في هذا ففرض عليه أن يسأل إذا سمع فتيا: أهذا حكم الله وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم وهذا لا يعجز عنه من يدري ما الإسلام , ولو أنه كما جلب من قوقوا وبالله تعالى التوفيق."

قال أبو محمد طارق (أبو داود): و قوله أندى الله بالرحمة ثراه" والاجتهاد إنما معناه بلوغ الجهد في طلب دين الله عز وجل الذي أوجبه على عباده"

أظنه كاف شاف في المسألة لمن أراد الهدى.

فلاح لك رحمك الله أن الاجتهاد عندنا هو بذل الجهد في معرفة الحكم كما قلت بارك الله فيك و لا نقول إلا بهذا.

وقال في المحلى:

"والمجتهد المخطئ أفضل عند الله تعالى من المقلد المصيب. هذا في أهل الإسلام خاصة ,

وأما غير أهل الإسلام فلا عذر للمجتهد المستدل، ولا للمقلد , وكلاهما هالك.

برهان هذا ما ذكرناه آنفا بإسناده من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر وذم الله التقليد جملة , فالمقلد عاص والمجتهد مأجور , وليس من اتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم مقلدا لانه فعل ما أمره الله تعالى به. وإنما المقلد من اتبع من دون رسول الله صلى الله عليه وسلم لانه فعل ما لم يأمره الله تعالى به

وأما غير أهل الإسلام فإن الله تعالى يقول: {ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين}. "

قال أبو داود أظن أننا انتهينا من موضوع الاجتهاد فلنبدأ بمسألة التعليل.

أقول و بالله التوفيق: عند ورود نهي ننتهي دون النظر لما يسمونه بعلة النهي و كذلك الأمر نمتثل له دون النظر لعلة الأمر كما يقول أصحاب هذه المقالة قال تعالى مثنياً على عباده المؤمنين في آخر سورة البقرة "وقالوا سمعنا و أطعنا" فما قال تعالى سمعنا و نظرنا في العلة ثم صنعنا ما تلزمنا العلة

فإن كان للنص علة فقد بينها الله في كتابه أو في وحيه و إلا فلا

قال تعالى "ما فرطنا في الكتاب من شيئ" و قال جل و علا "تبياناً لكل شيئ" أي لو كان ثمة علة لبينها الله فلا يجوز لنا أن نخترع عللاً من حصاد أفكارنا فكله في الكتاب مسطور.

قال أبو داود عفا عنه المولى تعالى: ليتك أخي ترد على أقوالي حصراً فليس سكوتي على كل الأقوال يعني موافقتي عليها فقد أخالف منكري القياس في سرد أدلتهم و لا أتبع إلا اله و رسوله صلى الله عليه و سلم.

الأخ المهندي:

السلام عليكم و رحمة الله حياك الله و أهلاً و سهلاً بك بين إخوتك

اعلم رحمك الله أن قول ابن عباس رضي الله عنه في المس أنه الجماع ليس رأياً و لا قياساً بل هو أخذ بظاهر النص فالمس في لغة العرب يقع على شيئين إما الوطئ أو مس البشرة البشرة.

فقوله تعالى: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ

هنا المس الوطئ وهذا إجماع لا خلاف فيه.

وقوله تعالى أو لامستم النساء في آية الوضوء إما أن يكون معناه الوطئ أو مس البشرة و لا سبيل إلا ثالث و لا سبيل إلا إلا أحدهما وقد اختلف الناس في هذا على أقوال هي قول من قال إن المس هنا هو الوطئ وقول من قال المس هنا مس البشرة و قد افترقت هذه الفرقة على ثلاثة أقوال الساقط منها قول من قال إن مس بشرتها بشهوة انتقض و ضوؤه و إلا فلا وهو قول واه لا يعضده دليل ثم الفرقة التي لا ترى للشهوة اعتباراً افترقت لفرقتين فرقة قالت مس كل من تحل له ناقض و من لا تحل له ليس بناقط و هو قول واه ليس له مستند و لا مؤيد ببرهان

وفرقة قالت لا اعتبار للمحارم و غير المحارم و لا لبالغة دون صغيرة.

فلاح للناظر أنه لم يبق في المسألة إلا قولان لاثالث لهما إما الوطئ و إما مس البشرة و لا فرق بين أمه و زوجه و بين صغيرة و كبيرة لعموم قوله تعالى أو لامستم النساء

ولا سبيل إلا لأحدهما فإن بطل أحدهما كان الآخر حقاً و لا يجوز لأحد أن يقلد ابن عباس في ما ذهب إليه من أن المعنى هو الوطئ و لا يجوز لأحد أن يقلد ابن حزم و هو صاحب القول الثاني ولكن ينظر دليل هذا و دليل ذاك ثم يجتهد في طلب الحق و أحدهما مخطئ لا محالة و بالله التوفيق.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير