تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[مبارك]ــــــــ[12 - 08 - 04, 04:47 ص]ـ

جاء في جريدة الجزيرة السعودية العدد (8077) صفحة (مهاتفات للفكر والوجدان) وهي عبارة عن أسئلة توجه إلى العلامة أبي عبدالرحمن بن عقيل الظاهري فيجيب في شتى الفنون ومن ذلك، يقول الأستاذ عبدالله: ألا يعتقد الشيخ أبو عبدالرحمن: أن سبب إنكار ابن حزم للقياس إنما هو إنكاره لتعليل أفعال الله سبحانه؟!

الجواب: إنكار تعليل أفعال الله لا يلزم منه إبطال القياس جملة، وإنما يلزم منه إبطال القياس الذي جامعه العلة، فيخرج مثلاً القياس المبني على الوصف المنضبط.

وإنكار تعليل أفعال الله لا يلزم منه إنكار تعليل شرع الله؛ لأن الشرع علل بعض الأحكام والأفعال، وإنما المنكر تعليل لم يرد به شرع ولا مجال لادراكه بالعقل والحس.

ثم إنه يوجد فرق بين علة توجب على الرب سبحانه فعلاً أو تركاً أو شرعاً، وبين علة يجعلها الرب سبحانه بإرادته وحكمته وقهره باعثة لفعل أو شرع أو ترك.

وابن حزم ينكر العلة الأولى.

والله سبحانه حكيم عليم، فأفعاله وشرعه كل ذلك معلل بحكمته سبحانه.

ولا نعلم من حكمته إلا ما علمنا أو استنتجته عقولنا بيقين.

والقياس من طرق العقل في الاستنباط، وهو ظني سيتخدم لا كتشاف الفارق المؤثر أو انتفائه. وابن حزم فرق بين النص على الشيء بمعناه ووصفه، أو النص عليه باسمه، وقرر أن ما لا نص فيه بالاسم أو المعنى لا يمكن أن يلحق بالمنصوص عليه باسمه، بل لا بد من وجود فارق مؤثر.

فابن حزم نفى القياس؛ لأنه ليس من طرق العقل اليقينيه التي لا احتمال فيها.

وابن حزم يرفض ثنائية المنصوص عليه وغير المنصوص عليه، بل كل شيء لم ينص عليه باسمه فهو منصوص عليه بمعناه، والعفو وبراءة الأصل من النص بالمعنى.

وإذا وجد في المنصوص عليه باسمه معنى ثم وجد ذلك المعنى في غير منصوص عليه باسمه فلا يثبت حكم الثاني بالقياس حتى يقوم دليل على أن ذلك المعنى ثابت فيه حكم ذلك المنصوص عليه باسمه " أ. ه.

وقال أعجوبة الزمان الشيخ ابن عقيل ـ أيضاً ـ في كتابه " هكذا علمني وُردزورُث " (ص/49 ـ 50):

" القاعدة عند جمهور علماء المسلمين كما هو مفهوم الشرع أن الخطاب من الله جل جلاله أو من رسوله صلى الله عليه وسلم يقتضي الامتثال عقداً وقولاً وعملاً.

والغاية من الامتثال تحقيق رضى الرب والنجاة من النار ودخول الجنة بدءا برحمة الله.

هذه هي الحكمة العامة والعلة الكافية

لأن المكلفين من الجن والإنس ما خلقوا إلا لهذا الامتثال.

وهذا لا يعني المنع من تحري حكمة الشرع في تفصيلاته.

وإنما المحرم أمران:

أولهما: وقف الامتثال على معرفة الحكمة.

فهذا شغب على الشرع، بل الواجب على المكلف الامتثال فور تبليغه بالنص وفهمه له واستطاعته ما طلب منه امتثاله.

وثانيهما: تأسيس أي حكم شرعي على أي حكمة شرعية إلا بشرط أن تكون هذه الحكمة منصوصاً عليها أو مستنبطة متيقنة أو غالبة الرجحان، وبشرط أن يكون الحكم المبني على الحكمة اجتهادياً في موضع لم ينص عليه باسمه؛ لأن النص على المحكوم فيه باسمه أخص من النص على معناه.

وإنما قلت: إن الحكمة مقصد مندوب المجتهد إلى تحريه بذينك القيدين، لأن الحكيم من أسماء الله ومن صفات تدبيره، ولأن الله وصف تدبيره الشرعي بالحكمة في عشرين آية من كتاب الله، ولأن استحث عقول المكلفين على التدبر والاعتبار.

والحكمة تكون مصلحة دنيوية منصوصة كأثر القصاص في تحقيق الأمن، وتكون مستنبطة لتحقيق مصلحة دينية أو دنيوية كندب الشرع إلى التخفف من المباحات، فالمجتهد يرجح أن الحكمة دينية وهي التخفف من الحساب يوم العرض الأكبر.

ولن يستوحش المكلف من هذا الاستنباط وهو يجد في دين ربه أنه مسؤول عن النعيم وأن الكفار مبكتون باستهلاك المتعة في حياتهم الدنيا.

وحق على المجتهد إذا لم يجد الحكمة منصوصاً عليها ألا يجزم بأنها مراد للشرع حتى لا يقول على الله بغير علم، وإنما الحكمة ثمرة لا متثاله.

فعلى سبيل المثال ألف أحد المعاصرين وهو الأستاذ عبدالرزاق نوفل كتاباً عن (الصلاة) وأحصى ما فيها من حكم دنيوية لا سيما ما ينفع البدن.

فلا يحق للمجتهد أن يجزم بأن هذه المصالح هي مراد الشرع من فريضة الصلاة أو جزء من مراده، لأن هذا قفو محرم، وقول بغير علم يقيني أو راجح.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير