تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما الجزء الثاني من كلامك وهو قولك (وهو مرتبط في العقيدة) تعني بذلك (القياس) تمنيت أن لا تخرج منك يا أبا عبدالرحمن بن أحمد؛ لأن القياس ليس له مدخل في اسماء الله وصفاته، واسماء الله وصفاته يجب أن نمررها حسب ظواهر الشرع وقطعياته وموجبات العقل. وقضايا الأسماء والصفات لا تؤخذ من ظواهر العقل المجرد. وإنما تؤخذ من الظواهر النصية ومن قضايا العقل الحتمية التي كونها العقل بالفهم والإستنباط والتمييز من جملة نصوص شرعية وأصول إسلامية. والعقل مضطر إلى الإيمان بالكمال المطلق في اسمائه وصفاته، ولا يجوز أن يسمى الله بصفة كمال إلا حيث ورد النص، ولا مجال له في تصوير الكيفية مطلقاً. فهذا شيخ الإسلام ابن تيمية في " شرح العقيدة الأصفهانية " (ص76ـ 78) يقول: فإن داود وأكابر أصحابه كانوا من المثبتين للصفات على مذهب أهل السنة والحديث.

قال مبارك: انظر كتاب " السنة " لابن أبي عاصم الضحاك وهو من أجل علماء أهل الظاهر وقد سلك في هذا الكتاب طريقة السلف الصالح ـ رضي الله عنهم ـ، قال عارف خليل محمد أبو عيد في رسالته العالمية التي هي بعنوان " الإمام داود الظاهري وأثره في الفقه الإسلامي " (ص 56): إذ يلاحظ أن داود الظاهري والظاهرية عموماً أعظم تشدداً من الإمام أحمد بن حنبل في عقيدة خلق القرآن فهذ تلميذ داود الظاهري إبراهيم بن محمد بن عرفه الشهير بنفطويه يصنف كتاباً في الرد على من قال بخلق القرآن (1).

* قولك: (فالظاهرية ينفون الحكمة لله) هذا كلام غير محقق، بل هو من التجني على أهل الظاهر؛ لأن الحكيم من أسماء الله ومن صفات تدبيره، ولأن الله وصف تدبيره الشرعي بالحكمة في عشرين آية من كتاب الله، ولأن استحث عقول المكلفين على التدبر والاعتبار.

ثم اعلم أخي الكريم ـ عفا الله عنا وعنك: إنكار تعليل أفعال الله لا يلزم منه إبطال القياس جملة، وإنما يلزم منه إبطال القياس الذي جامعه العلة، فيخرج مثلاً القياس المبني على الوصف المنضبط.

وإنكار تعليل أفعال الله لا يلزم منه إنكار تعليل شرع الله، لأن الشرع علل بعض الأحكام والأفعال، وإنما المنكر تعليل لم يرد به شرع ولا مجال لادراكه بالعقل والحس.

ثم أنه يوجد فرق بين علة توجب على الرب سبحانه فعلاً أو تركاً أو شرعاً، وبين علة يجعلها الرب سبحانه بإرادته وحكمته وقهره باعثة لفعل أو شرع أو ترك.

وابن حزم ينكر العلة الأولى.

والله سبحانه حكيم عليم، فأفعاله وشرعه كل ذلك معلل بحكمته سبحانه.

ولا نعلم من حكمته إلا ما علمنا أو استنتجته عقولنا بيقين.

قال مبارك: كل ما قلته هنا منقول من المشاركة رقم (51) في نفس هذا الموضوع فارجع إليها غير مأمور.

* قولك: (من سلف داود من الصحابة أو التابعين ـ تعني في إبطال القياس ـ) انظر كتاب " الإحكام في أصول الأحكام " (8/ 26ـ 36) لا بن حزم تجد مبتغاك إن شاء الله، وكذا كتاب ابن عبدالبر " جامع بيان العلم وفضله ".

قال ابن حزم في " الإحكام " (8/ 38): فقد قلنا وبينا أنه لم يصح قط عن أحد من الصحابة القول بالقياس يعني باسمه، وباليقين فإنه لم يتكلم أحد منهم بلا شك، ولا من التابعين بل شك، ـ: باستخراج علة يكون القياس عليها، ولا بأن القياس لا يصح إلا على علة جامعة بين الحكمين، فهذا أمر مجمع عليه لا شك فيه البته، إلا عند من أراد أن يطمس عين الشمس، وهذا أمر إنما ظهر في القرن الرابع فقط مع ظهور التقليد، وإنما ظهر القياس في التابعين على سبيل الرأي والاحتياط والظن، لا على إيجاب حكم به، ولا أنه حق مقطوع به، ولا كانوا يبيحون كتابه عنهم.

قال مبارك: ليس هناك محل اتفاق بين الصحابة على القياس الذي يأباه أهل الظاهر، وعلى التسليم بصحة الرسالة التي بعثها عمر ـ رضي الله عنه ـ إلى أبي موسى الأشعري ـ رضي الله عنه ـ وفيها: وقس الأمور، وأعرف الأشباه والنظائر والأمثال، واعمد إلى أولاها بالحق، وأحبها إلى الله عز وجل؛ فاقض به.فقد أجاب عنها العلامة ابن عقيل الظاهري فقال: على التسليم بصحة الرسالة فهي محمولة على القياس الذي يُظهر أن المختلف فيه أو المسئول عنه منصوص على حكمه، فتُظهر عدم الفارق في الحكم .. بل قد تُظهر أولويته كقياس رسول الله صلى الله عليه وسلم حق الله على دين العباد في أولوية

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير