تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

¨ ثالثا: إن العامي، بالإجماع مأمور بإتباع مفتيه وتصديقه، مع أنه ربما يخبره عن ظنه، فالذي يخبر بالسماع عن النبي صلى الله عليه وسلم، مع كونه ثقة، أولى بالتصديق والقبول، والعمل بخبره.

¨ رابعا: إننا مأمورون بالحكم بشهادة اثنين، مع أن هذه الشهادة تحتمل الكذب، فلو كان العمل بها لا يجوز إلا بإنتفاء إحتمال الكذب بصورة قاطعة، لما عملنا بها، فالعمل بخبر الآحاد، أولى بلا شك.

¨ خامسا: إجماع الصحابة رضي الله عنهم، في حوادث لا تحصى على قبول خبر الواحد، والعمل به، فأبو بكر رضي الله عنه أعطى الجدة السدس، لورود الخبر بذلك، وعمر رضي الله عنه ورث المرأة من دية زوجها، كما في حديث الضحاك بن سفيان، لورود السنة بذلك، وهي سنة آحاد، وأخذ الجزية من المجوس بسنة آحاد أيضا، وهكذا فعل بقية الصحابة رضي الله عنهم.

وممن تصدى لهذه المسألة، الحويني حفظه الله، فقال في فتوى له عن أحاديث الآحاد، ما نصه:

لا يقول هذا القول (أي رد أحاديث الآحاد) إلاَّ أهل البدع حتى يفروا من الالتزامات التى ألزمها إياهم أهل السنة، ويكفى فى رد هذا الكلام حديث واحد هو حديث أن النبى صلى الله عليه وسلم أرسل معاذ بن جبل رضي الله عنه إلى اليمن وقال له: " إنك تأتى أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة الا إله إلاَّ الله و أنى رسول الله " هل هذه عقيدة أم لا؟؟. . . عقيدة طبعا، والسؤال: هل قامت الحجة على أهل اليمن بكلام معاذ أم لا؟

إذا قلت لم تقم فإنك إذن تتهم الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه أرسل إلى القوم من لا تقوم به الحجة! و يتنزه صلى الله عليه وسلم من ذلك.

وقد صح أن النبى صلى الله عليه وسلم أرسل بعد معاذ أبو موسى الأشعري إلى اليمن. والإثنان داخلان فى خبر الآحاد وبهما قامت الحجة.

و قد نقل ابن حزم الإجماع على أنه لو أرسل إمام المسلمين رسولا إلى بلاد الكفر يدعوهم للإسلام فإن قبلوا و أسلموا فقد قامت الحجة ببلاغ هذا الرسول و إن لم يقبلوا حلت دمائهم و أموالهم و الأصل فى الدماء و الأموال العصمة فكيف تحل بخبر واحد؟

وللإمام ابن القيم كتاب كسر فيه أصنام الجهمية صنما صنما و من ضمن هذه الأصنام أن خبر الواحد لا يحتج به فى العقيدة و الكتاب اسمه " الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة " اهـ، بتصرف يسير.

إستشكال: قد يحتج، البعض بعدم قبول أبي بكر رضي الله عنه، لقول محمد بن مسلمة رضي الله عنه، في مسألة توريث الجدة، حتى عضده قول المغيرة رضي الله عنه، والرد على هذا، بأننا، إن سلمنا بصحة هذا الخبر، فإننا لا نسلم بصحة هذا الإستدلال، وخير ما يقال في هذا الموضع، قول الذهبي رحمه الله: فعل ذلك للتثبت في الرواية، وللإحتياط في الضبط، لا لتهمة أو سوء ظن، ولو سلمنا للمخالف جدلا، فيقال عندئذ: هل متابعة المغيرة رضي الله عنه لمحمد بن مسلمة رضي الله عنه، رفعت الحديث عن مرتبة الآحاد، بالتأكيد لا فهو من الناحية الإصطلاحية لم يرتق عن مرتبة الآحاد، وإنما غاية ما هناك، أنه ارتقى من الغريب إلى العزيز، وكلاهما آحاد، وكذا حديث: (إنما الأعمال بالنيات)، فهو عمدة في كثير من المسائل، بل إننا لا نبالغ إذا قلنا بأنه أصل من أصول الدين، ومع ذلك، فقد استمر تفرد رواته به، حتى الطبقة الرابعة، كما هو معلوم، فهل يجوز لنا تعطيل هذا الأصل، وقد تلقته الأمة بالقبول، لمجرد هذا التفرد؟، مع العلم بأنه جاء في رواية، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قاله على المنبر، وهذا أدعى لإشتهاره، ومع ذلك لم يثبت عن عمر رضي الله عنه، إلا من طريق واحد، ومع هذا لم يستشكل أحد من أهل العلم المعتبرين، هذا التفرد، ولم نر أحدا رد هذا الحديث، بحجة التفرد، وما قيل في رد هذه الشبهة، يقال في رد شبهة، حديث الإستئذان، حيث طلب عمر رضي الله عنه، شاهدا لأبي موسى الأشعري رضي الله عنه، حتى يقبل حديثه، فهو رحمه الله، لم يفعل ذلك، لتهمة أو سوء ظن، أو ليقرر عدم جواز الإحتجاج بخبر الواحد، لأنه هو نفسه، قبل خبر الواحد في عدة وقائع، كما سبق.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير