تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فانظر كيفَ حطَّ الهروي هذه المراتب الجليلة التي حَثَّ عليها الكتاب والسنة وأوصى الله بها أنبياءَهُ وجعلها من منازل العامة! وأما العارفون والواصلون عنده، ففي منازل العطشِ والدَّهَشِ والهَيَمانِ والغرق والغيبة والسُّكرِ والفناءِ! فِعِْلَ الذين قال اللهُ فيهم: (أتستبدلونَ الذي هو أدنى بِالذي هُوَ خيرٌ) [البقرة: 61].

* وبالجملة؛ ف " منازل السَّائرين " كتابٌ مختصرٌ في علوم السلوك والتصوفِ، ألفَهُ صاحبُهُ على طريقة القوم، ورفع ما يرفعونه، ووضع ما يضعُونَهُ. نعم. فيه دقائقُ مطربةٌ ولطائفُ راقيةٌ، لكنْ فيهِ أيضاً منزلقاتٌ خطيرةٌ ومواردُ مهلكةٌ لا تُسَوِّغُ هذه العناية التي أولاها ابن القيم ولا هذه الهالةَ التي أضْفاها عليهِ! واللهُ يُحِبُ الحقَّ، وهو أعلى وأعلمُ.

وختم الشيخ عامر بن علي ياسين دراسته حول " منازل السائرين " وصفاً وتقويماً قائلاً:

" وأعلم أن الهروي جمع إلى انحرافاته وسقطاته في " المنازل " سيرة عطرة ومؤلفاتٍ حسنةً وفضائلَ جمةً، وقد عرضتُ لكل منهما على حدةٍ؛ فلا تحتجبْ بالأولى عن الأخرى، ولا تَفْتَتِنْ بالأخرى عن الأولى، بل اسلكْ فيه سبيل ابن تيمية والذهبي وابن القيم الذين عابوا انحرافاته وشكروا حسناته ولم يغمِطوهُ شيئًا، واتخِذِ العصمة النافعة ـ في كل إنسانٍ مأْخوذٌ من قوله ومتروكٌ؛ إلا النبي صلى الله عليه وسلم ـ منهجاً لكَ وطريقاً.

وأنا إنما بينتُ في هذا الفصل انحرافات كلام الهروي في " المنازل " بالذات، ثم لا شأن لي بعدُ بسائر كتب الشيخِ ولا بحالِهِ عند ربِّهِ، فهذا شيءٌ وذاك شيءٌ آخر، وانحراف كلام لا يستلزمُ بالضرورة تضليلَ صاحبهِ أو تكفيرَهُ، حاشا وكلا! فربما كان الرجل سنياً جلداً عدوًّا لأهل الكلام، لكن انطلت عليه الحيلةُ كما انطلت على كثيرٍ غيره، والصوفية خدَّاعةٌ جداً، قلَّما يَنْجو من دخل في شيءٍ منها مثل هذه النهاية! وربما قال الرجل ما قال وألف ما ألف تحت تأثير أحوال السُّكرِ والاصطلام التي تأخُذُ أحدهم منه وتُغَيِّبُهُ عنه، وكم من قائلٍ لا يعي ما يَخْرُجُ من فمه، وكم من قائلٍ لا يرضى لوازم قوله! وربما كان صادقاً ملبَّساً عليه، ذاق بعض الأحوال وسمع بما يليها سماعاً، فألف وخلط ما ذاقهُ عملياً بما سمع به وانطلى عليه، ولاسيما أنَّهُ لم يُحْفَظْ عنه إسقاطُ علمٍ ولا نُقِلَ عنه ترك عمل! وربما كان للرجل قدمُ صدقٍ عند ربه أو وقفةُ حقٍّ وقفها خالصةً لهُ في يوم من الأيام تَسْتَوْعِبُ هذه البلايا وتغمُرُها. وربما تاب الرجل بعدُ وأناب، والتوبةُ معروضةٌ كلَّ حينٍ ز

وهذا ابن القيم يعيبُ على الهروي مراراً أنه فتح أبوابَ الزنادقة والإلحاد (1/ 215 و 220، 3/ 139)، لكن لم يتهمه بذلك أبداً، بل كان يقول: " ونحنُ نشهدُ باللهِ أنَّ هذا تلبيسٌ على شيخ الإسلام [الهروي]، فالتلبيس وقع عليه، ولا نقولُ وقع منه، ولكنه صادقٌ لُبِّسَ عليهِ " (3/ 382). فلي فيه أُسوةٌ حسنةٌ يرحمه اللهُ.

وليس بيني وبين الشيخ ثأْرٌ أدركته اليوم بما خطتْ يدي، بلْ كان صوابه أحب إليَّ من خطئِهِ، وما زال خطئي في فهمِهِ أحبَّ إليَّ مِنِ انحرافه. لكن لا يسعني ـ والله ـ بعد أنْ وقَفْتُ على هذه المنكرات أنْ أسْكُتَ عنها وأبوء بإثمها وجرمها ونشرها بين الناس. وياليتَ الهرويَّ لا ألف هذا ولا خطَّهُ بيمينه، والله يغفر لهُ ويُسامحُهُ ... " أ. ه.

ـ[الدرعمى]ــــــــ[02 - 08 - 04, 03:41 ص]ـ

أخى الكريم الحنبلى السلفى كما تشاء هذه وجهات نظر وأنا أحترم وجهة نظرك طالما التزمت بآداب العلماء وطلبة العلم وأعطيت كل ذى حق حقه وواليت كل مسلم بحسب موالاته لله ورسوله فنحن أخى الكريم لا نظن بهم إلا خيرًا ونعتبر أن ما وقعوا فيه لم يكن البته عن سوء نية وحسبنا ما أنقله لك عن شيخ الإسلام مع تصرف طفيف:

والذين أنكروا محبة الله تعالى من أهل الكلام - وهم مؤمنون - لو رجعوا إلى فطرتهم لوجدوا فى قلوبهم من محبته الكثير ويعلل ذلك بان الإنسان قد لا يشعر بشعوره أو أنه نظر فى بعض الكتب وتخيلها قولاً صحيحًا لما ظنه من صحة أدلتهم فصار يقول بقولهم (أنظر منهاج السنة تحقيق الشيخ محمد رشاد سالم 5/ 393 - 402)

إنه أخى الكريم يتحدث عن مقلدة الجهمية والمعتزلة ممن ينكرون محبة الله تعالى لعبده ومحبة العبد لربه وليس عن بعض محبى الشيخ الألبانى رحمه الله والمحاولين اقتفاء أثره فانظر يا أخى تلك القاعدة الجليلة فهى من أروع ما قاله شيخ الإسلام وأنزلها من قلبك موضعها.

فضلا يا اخى الكريم عن أن هؤلاء لا زالوا فى أول الطلب فإن كنت قد تخطيت هذه المنزله فذكر نفسك بقوله تعالى ((كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم)).

وأرجو يا أخى الكريم ألا نستفزهم بأقوالنا لأكثر مما وقعوا فيه فنجنى عليهم وعلى من يسمع قولهم ونسىء إلى أئمتنا.

الأخ الكريم أبا عبد الرحمن المبارك حمدً ا لله على سلامتك فقد طالما استفدنا مما تنقله لنا بكل أمانة علمية وأشهد الله أنى أقدر لك تلك الجهود وأرجو أن ينفعنا الله بها كما أقدر فيك هذه الروح العلمية وصبرك على هجائنا لك عن جهل بقدرك ورفعة نفسك نحسبك كذلك ولا نزكى على الله أحدًا وسوف أقرأ ما نقلته إلينا وأجيب عنه بما يليق به إن شاء الله تعالى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير