وقد اطلت كثيرًا أخى الكريم فى حديثك عن مجموع الصوفية وإنما موضوع بحثنا الهروى صاحب المنازل وانحرافاته العقائدية وموقف ابن القيم منها أما الحديث عن التصوف بالمعنى العام وموقف ابن تيمية منه فيمكن ان نفرد له رابطًا خاصًا على أننا أخى الكريم لسنا صوفية ولا نقول بالفناء الصوفى ولا نساير القوم فى شطحاتهم وإنما نريد أن نعطى كل ذى حق حقه ونضع الأمور فى نصابها قال تعالى ((ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى))
ـ[مبارك]ــــــــ[04 - 08 - 04, 04:26 م]ـ
* الأخ الفاضل أليس شيخ الإسلام وصفه بقوله: " وهو [أي الهروي] يثبت توحيد الربوبية مع نفي الأسباب والحكم، كما هو قول القدرية المجبرة، كالجهم بن صفوان ومن اتبعه، والأشعري وغيره ".
وقال أيضاً: " لكنه [أي الهروي] في القدر على رأي الجهمية، نُفاة الحِكم والأسباب. ... "، ولهذا اتبع شيخ الإسلام كلامه بقوله: " ولهذا قال [أي الهروي] في " باب التوبة " في لطائف أسرار التوبة ..... " ألخ.
ثم واصل شيخ الإسلام حديثه بذكر الفرق بين المشيئة والمحبة إلى أن قال: " والمدّعون للمعرفة والحقيقة والفناء فيهما يطلبون أن لا يكون لهم مراد، بل يريدون ما يريد الحق تعالى، فيقولون: الكمال أن تفني عن إرادتك وتبقى مع إرادتك. وعندهم أن جميع الكائنات بالنسبة إلى سواء، فلا يستحسنون حسنة، ولا يستقبحون سيئة ". قلت: أخي الكريم حتى تعرف من المقصود بهذا الكلام ارجع إلى قول ابن تيمية الذي نقلته قبل قليل وهو قوله: " ولهذا قال [أي الأنصاري] في " باب التوبة " في لطائف أسرار التوبة ... ألخ
ثم قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وهذا الذي قالوه ممتنع عقلاً محرم شرعاً، ولكن المقصود هنا بيان قولهم. ولهذا قال شيخ الإسلام في توحيدهم، وهو التوحيد الثاني: " إنه إسقاط الأسباب الظاهرة " فإن عندهم لم يخلق الله شيئاً بسبب، بل يفعل عنده لا به.
ثم واصل شيخ الإسلام حديثه بقوله: " قال [أي الهروي] " والصعود عن منازعات العقول، وعن التعلق بالشواهد، وهو أن لا يشهد في التوحيد دليلاً، ولا في التوكل سبباً، ولا في النجاة وسيلة "، وذلك لأن عندهم ليس في الوجود شيء يكون سبباً لشيء لأصلاً، ولا شيء جعل لشيء أصلاً، ولا يكون شيء بشيء "
ثم تابع شيخ الإسلام تفسير وتحليل عبارة الهروي إلى أن قال: " ولهذا قال [أي الهروي] " فيكون مشاهداً سبق الحق بحكمه وعلمه " أي يشهد أنه علم ماسيكون وحكم به، أي أراده وقضاه وكتبه، وليس عندهم شيء إلا هذا. وكثير من أهل هذا المذهب يتركون الأسباب الدنيوية، ويجعلون وجود السبب كعدمه ... ألخ
قال مبارك: فالسياق والسباق يدل على أن المفصود هو الهروي أكد ذلك ووضحه الشيخ عامر بن علي بقوله: هذا بينٌ على صفحات " المنازل " ولا أقول على صفحات حياة صاحبه ... ثم سرد الأدلة والبراهين على ذلك وقد تقدم كل هذا فنظر إليه غير مأمور بتدبر وتأمل وانصاف والحق أحق أن يتبع.
ـ[الدرعمى]ــــــــ[04 - 08 - 04, 08:02 م]ـ
لماذ ا أخى الكريم لا تنقل من باب الأمانة العلمية ما قاله ابن تيمية فى الثناء على الهروى وهل كان ابن تيمية غافلاً حين وصفة بشيخ الإسلام أم كان متناقًضا أم كان يتحدث عن هروى آخر غير صاحب المنازل أم أنه ذكر ذلك من باب المجاملة ؟
أخى الكريم هناك فرق كبير بين قول شيخ الإسلام هو على رأى الجهمية فى هذه المسألة وبين قوله رحمه الله إنه جهمى.
واعلم أخى الكريم أن للتجهم أصولا: فأما الأصل الأول فهو الكلام فى الصفات فهم يقولون إن الله تعالى ذات فقط وليس شيئًا لأن الشىء هو المخلوق
ومنهم من يقول ((إن الله تعالى لا شىء وما من شىء يشاركه فى ذاته وليس فى شىء ولا يقع عليه صفة ولا معرفة)) ومنهم من أثبت الله فى كل مكان، ويبنون على تلك القاعدة نفيهم الصفات عن الله تعالى وهم من باب أولى ينكرون الصفات الخبرية كالاستواء بل بالغ بعضهم فى الإنكار حتى وصلوا إلى تكذيب القرآن.
وأصلهم الثانى فى الإيمان قالوا إنه هو المعرفة بالقلب فقط ولا يتفاضل أهل القبلة فيه مناقضين بذلك للكرمية الذين قالوا إن الإيمان قول فقط.
وأصلهم الثالث إيجاب المعارف باللعقل دون السمع وهى قاعدة جهمية نقلها عنهم المعتزلة.
وأصلهم الرابع تأويل السمعيات كالعرش ونفيهم الرؤية وقولهم بفناء الخلدين وإنكارهم الشفاعة ..
الأصل الخامس قولهم بالجبر والجهم يعتبر من المجبرة الخالصة يقول إن الله تعالى يخلق الأفعال فى الإنسان وتنسب إلي الإنسان مجازًا إلا أن الإنسان يختلف عن الجمادات قليلاً ..
وليكن معلومًا أخى الكريم أن هجوم ابن تيمية وغيره على الجهمية كان منصبًا على اعتقادهم بنقى الصفات وعدوا ذلك وحده ما يستوجب رمى معتقده بالتجهم حتى عدوا المعتزلة جهمية مع أنهم مناقضون للجهم فى مسألة القدر فهم قدرية ينفون القدر.
أما عن مذهب الأشعرى وما نسب إلى الهروى من موافقة رأى الجهمية فى القدر ففيه تفصيل فالأشعرى رحمه الله تعالى وكذلك أتباعه ومنهم الباقلانى والاسفرايينى ومن تبعهم يقولون بالكسب بمعنى أن الله تعالى هو خالق أفعال العباد لكنها تنسب إليهم كسبًا وليس لفعل العبد وقدرته المحدثة أثر فى الفعل ليس هناك علاقة بين السبب والمسبب إلا اطراد العادة بوقوع السبب قبل المسبب يريدون بذلك أن الأسباب غير مؤثرة بذاتها وهم بذلك ليسوا جبرية بل يمكن أن نسميهم بالجبرية المتوسطة وهو ما أطلقه عليهم بعض العلماء كالآمدى.
وليكن معلوماً أخى الكريم أن الميل إلى أحد الطرفين فى مسألة القدر قلما سلم منه أحد من العلماء فضلاً عن غيرهم ولذلك تجدهم يتحرجون من التأليف فى القدر وأنا على حد علمى لم يفرد لمسألة القدر إلا ثلاث أو أربع كتب آخرها كتاب العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى.
فهل لا زلت تتهم الهروى بالتجهم وأن ابن القيم تواطأ معه فى المدارج ودلس على الأمة حتى بعث الله إلينا هؤلاء الذين تصفهم بالمحققين؟؟
¥