وفى الحيث ((اتقوا فراسة المؤمن فإنه يرى بنور الله ثم قرأ قوله تعالى (إن فى ذلك لآيات للمتوسمين))) وهو وصف لما يحصل لأهل الإيمان عند تجريد توحيد قلوبهم لله وإقبالهم عليه دون ما سواه بحيث يكونون مخلصين حنفاء ويكونون مع الله بلا خلق ومع الخلق بلا نفس ومع النفس بلا هوى قد فنيت منهم إرادة ما سوى الله تعالى ومحبته وخوفه.
وفى الحديث ((ولا يزال عبدى يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذى يسمع به ... ) الحديث فالله تعالى فطر عباده على الحنيفية السمحاء وهى حب المعروف وبغض المنكر فإذا لم تستحيل الفطرة فالقلب مفطور على الحق فإذا كانت الفطرة منورة بنور القرآن وخفى عليها دلالة الأدلة السمعية الظاهرة ورأى قلبه يرجح أحد الأمرين كان ذلك من أقوى الأمارات عند مثله.
والإلهام فى القلب تارة يكون من جنس القول والعلم وتارة يكون من جنس العمل والحب والإرادة والطلب.
وليس المقصود هنا بيان أن هذا وحده دليل على الأحكام الشرعية لكن مثل هذا يكون ترجيحًا لطالب الحق إذا تكافأت عنده الأدلة السمعية الظاهرة فالترجيح هنا خير من التسوية بين المتناقضين فإن التسوية بينهما باطلة قطعًا.
(أنظر السلوك 335، 472 - 476)
قولك هل جاء فى السنة أن ابن تيمية من الملهمين فهو قول مشحون بالجهل وهل جاء فى الكتاب والسنة أن فلانا من المجادلين بالباطل ليدحضوا به الحق لا لم ينص رسو لالله صلى الله عليه وسلم على ابن تيمية أو على فلان ولكننا علمنا وشاهدناه وأسألك هل تنكر أن ابن تيمية من أهل الفراسة.
ولا أسمح لك بقولك دعك من كلام الألبانى تأدب مع الشيخ واضبط عبارتك وما الذى دفعك إلى هذا القول وقد كنت تتشدق بكلامه؟!
على العموم أنت تجادل كثيرًا ويبدو أنك لا تريد أن تصل إلى شىء وربما اضطررتى لاتباع طريقة أخرى فى الجدال معك وأنت تعتمد على إلقاء الأسئلة والاتهامات لتغطى بها على ضعف حجتك وقد قلت لك من قبل إنما أنا هنا لإبطال حجتك وأنت المدعى المطالب بالدليل وقد انتهى حديثى معك حول هذه النقطة ولن أكثر الكلام فيها فإن كان لديك شىء آخر من المآخذ التى تتعلق بالعقيدة على مدارج السالكين فأتنا به وإلا فأعلن إفلاسك.
ـ[مبارك]ــــــــ[10 - 08 - 04, 07:08 م]ـ
قال الإمام الألباني ـ رحمه الله ـ في " الصحيحة " بعد تخريجه منادة عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ لسارية تحت حديث رقم (1110):
" فائدة:
ومما لا شك فيه، أنّ النداء المذكور إنما كان إلهاماً من الله ـ تعالى ـ لعمر، وليس ذلك بغريب عنه، فإنه " مُحدَّث " كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنْ ليس فيه أن عمر كُشِف له حال الجيش، وأنه رآهم رأي العين، فاستدلال بعض المتصوفة بذلك على ما يزعمونه مِن الكشف للأولياء، وعلى إمكان اطّلاعهم على ما في القلوب من أبطل الباطل، كيف لا وذلك من صفات رب العالمين، المنفرد بعلم الغيب والاطلاع على مافي الصدور. وياليت شعري! كيف يزعم هؤلاء ذلك الزعم الباطل والله ـ عز وجل ـ يقول في كتابه: (عالمُ الغَيْبِ، فلا يُظْهِرُ على غَيْبِهِ أحداً. إلا مَنِ ارتضى من رسول). فهل يعتقدون أن أولئك الأولياءَ رُسُل من رسل الله حتى يصح أنّ يقال إنهم يطّلعون على الغيب بإطلاع الله إياهم!! سبحانك هذا بُهتانٌ عظيمٌ.
على أنه لو صحّ تسمية ما وقع لعمر ـ رضي الله عنه ـ كشفاً، فهو مِن الأمور الخارقة للعادة، التي قد تقع من الكافر أيضاً، فليس مجرد صدور مثله بالذي يدل على إيمان الذي صدر منه فضلاً عن أنه يدل على ولايته، ولذلك يقول العلماء إن الخارق للعادة إنْ صدر مِن مسلم فهو كرامة، وإلا فهو استدراج، ويضربون على هذا مثلاً الخوارق التي تقع على يد الدجال الأكبر في آخر الزمان كقوله للسماء: أمطري، فتمطر، وللأرض: أنبتي نباتك فتُنْبِت، وغير ذلك مما جاءت به الأحاديث الصحيحة.
ومن الأمثلة الحديثه على ذلك ما قرأتُه اليوم من عدد (أغسطس) من السنة السادسة من مجلة " المختار " تحت عنوان: " هذا العالم المملوء بالألغاز وراء الحواس الخمس " ص 23 قصة " فتاة شابة ذهبتْ إلى جنوب أفريقيا للزواج من خطيبها، وبعد معارك مريرة فَسَخَتْ خطبتها بعد ثلاثة أسابيع، وأخذت الفتاة تذرع غرفتها في اضطراب، وهي تصيح في أعماقها بلا انقطاع: " أواه يا أماه ... ماذا أفعل؟ " ولكنّها قررت ألا تزعج أمّها بذكْر ما حدث لها؟ وبعد أربعة أسابيع تَّلقتْ منها رسالة جاء فيها: " ماذا حدث؟ لقد كنت أهبط السلم عندما سمعتك تصحين قائلة: " أواه يا أماه ... ماذا أفعل ". وكان تاريخ الرسالة متفقاً مع تاريخ اليوم الذي كانت تصيح فيه مِن أعماقها ".
وفي المقال المشار إليه أمثلة أخرى مما يدخل تحت ما يسمونه اليوم ب " التخاطر " و " الاستشفاف " ويعرف بِاسْمِ " البصيرة الثانية " اكتفينا بالذي أوردناه؛ لأنها أقرب الأمثلة مشابهة لقصة عمر ـ رضي الله عنه ـ، التي طالما سمعتُ من ينكرها من المسلمين لظنّه أنها مما لا يُعقَل! أو أنها تتضمن نسبة العلم بالغيب إلى عمر، بينما نجد غير هؤلاء ممن أشرنا إليهم مِن المتصوِّفة يستغلونها لإثبات إمكان اطّلاع الأولياء على الغيب، والكل مخطىء. فالقصة صحيحة ثابتة، وهي كرامة أكرم الله بها عمر، حيث أنقذ به جيش المسلمين من الأسر أو الفتك به، ولكن ليس فيها ما زعمه المتصوّفة من الاطّلاع على الغيب، وإنما الإلهام (في عُرف الشرع) أو (التخاطر) في عرف العصر الحاضر، الذي ليس معصوماً، فقد يصيب، كما في هذه الحادثة، وقد يخطىء كما هو الغالب على البشر، ولذلك كان لا بدّ لكل وليّ من التقيد بالشرع في كل ما يصدر منه مِن قول أو فعل خشية الوقوع في المخالفة، فيخرج بذلك عن الولاية التي وصفها الله ـ تعالى ـ بوصف جامع شامل فقال: (ألا إنّ أولياء اللهِ لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون. الذين أمنوا وكانوا يتّقون). ولقد أحسن من قال:
إذا رأيتَ الشَّخْص قدْ يطيرُ ... وفوقَ ماءِ البحرِ قدْ يسيرُ
ولمْيقف على حدود الشرْعِ ... فإنّهُ مُسْتَدرَجٌ وبِدعي " أ. ه
¥