و حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه كذلك دليل صريح فالرجل قد أخذ من المرأة ما دون الزنا و هذه ملامسة مباشرة و هي بلا شك أشد من مجرد النظر غير المباشر و مع ذلك جعلها النبي صلى الله عليه و سلم من الصغائر التي تذهبها الحسنات.
و كذلك تدخل في قول أبي هريرة و ابن مسعود رضي الله عنهما (القُبْلة، والغمزة، والنظرة، والمباشرة، فإذا مس الختان الختان، فقد وجب الغسل وهو الزنا) و تدبر إدخال أبو هريرة المباشرة دون الزنا باللمم.
فعلى هذا يكون هذا الإيراد مردود عليه كما هو ظاهر من الأدله.
قد يقول قائل أنت أغفلت في تفسير اللم في آية النجم أقوال لبعض السلف تخالف ما نقلته أقول لقد نقل ابن جرير ثلاثة أقوال في تفسير هذه الآية منها ما ذكرنا و قولين آخرين:
أحدهما: الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش, إلا اللمم الذي ألمّوا به من الإثم والفواحش في الجاهلية قبل الإسلام, فإن الله قد عفا لهم عنه, فلا يؤاخذهم به.
نقل بعض أقوال السلف في تفسير الآية لا حاجة لنقلها هن.
الثاني: ومعنى الكلام: الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم إلا أن يلمّ بها ثم يتوب.
و قول رابع أعرضت عنه لأنه حقيقة في معنى القول الأول و هو ما دون الكبائر (كل ذنب ليس فيه حدّ في الدنيا ولا عذاب في الاَخرة) و هذه حقيقة اللمم و الصغائر فلا فرق بينه و بين تفسير اللمم بالصغائر.
قال ابن جرير رحمه الله بعد أن نقل الخلاف (وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قول من قال «إلا» بمعنى الاستثناء المنقطع, ووجّه معنى الكلام إلى الّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الإثْمِ والفَوَاحِشَ إلاّ اللّمَمَ بما دون كبائر الإثم, ودون الفواحش الموجبة للحدود في الدنيا, والعذاب في الاَخرة, فإن ذلك معفوّ لهم عنه, وذلك عندي نظير قوله جلّ ثناؤه: إنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفّرْ عَنْكُمْ سَيّئاتِكُمْ وَنُدْخِلُكُمْ مُدْخَلاً كَرِيما فوعد جلّ ثناؤه باجتناب الكبائر, العفو عما دونها من السيئات, وهو اللمم الذي قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «العَيْنانِ تَزْنِيانِ, وَاليَدَانِ تَزْنِيانِ, وَالرّجْلانِ تَزْنِيانِ وَيُصَدّقُ ذلكَ الفَرْجُ أوْ يُكَذّبُهُ» , وذلك أنه لا حد فيما دون ولوج الفرج في الفرج, وذلك هو العفو من الله في الدنيا عن عقوبة العبد عليه, والله جلّ ثناؤه أكرم من أن يعود فيما قد عفا عنه, كما رُوِي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم واللمم في كلام العرب: المقاربة للشيء, ذكر الفرّاء أنه سمع العرب تقول: ضربه ما لمم القتل, يريدون ضربا مقاربا للقتل. قال: وسمعت من آخر: ألمّ يفعل في معنى: كاد يفعل.).
و الصحيح أن الآية أعم من ذلك فهي تعم كل هذه الأقوال و لا تضاد عند النظر الصحيح إلى هذه الأقوال جميعا فالمراد باللمم في هذه الآية كل ما ألم به العبد و لم يؤاخذ به فالشرك و الكبائر يلم بها العبد و يتوب منها فلا يؤاخذ بها و الصغائر يلم بها العبد و تمحوها الحسنات من غير توبة فلا يؤاخذ بها فكل هذا من اللمم.
و هذا الحكم العام في النظر إلى الأفلام و الصور الخليعة كما دلت عليه الأدلة من الكتاب و السنة و أقوال الصحابة رضوان الله عليهم أنها من الصغائر فلا تدخل في الحد العام للكبائر و دلت الأدلة الخاصة من الكتاب و السنة و أقوال الصحابة أنها لا تبلغ مبلغ الكبائر.
و أما ما تفرع عن هذه المسألة من مسائل:
كمسألة الإصرار على الصغيرة و المداومة عليها فهذه حكمها حكم غيرها من الصغائر بعد ثبيت أصل المسألة
و كذلك مسألة المجاهرة بها و هذه مسائل ليس هنا محل بسطها لأن المراد هنا بيان حكم هذه المسألة.
و الله أعلم.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[13 - 08 - 04, 12:03 م]ـ
قال شيخ الإسلام: [وأما النظر والمباشرة فاللمم منها مغفور باجتناب الكبائر، فإن أصر على النظر أو على المباشرة صار كبيرة، وقد يكون الإصرار على ذلك أعظم من قليل الفواحش؛ فإن دوام النظر بالشهوة وما يتصل به من العشق والمعاشرة والمباشرة أعظم بكثير من فساد زنا لا إصرار عليه؛ ولهذا قال الفقهاء في الشاهد العدل: أن لا يأتي كبيرة، ولا يصر على صغيرة. بل قد ينتهي النظر والمباشرة بالرجل إلى الشرك، كما قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ... [165]} [سورة البقرة]. ولهذا لا يكون عشق الصور إلا من ضعف محبة الله وضعف الإيمان. والله تعالى إنما ذكره في القرآن عن امرأة العزيز المشركة، وعن قوم لوط المشركين] [مجموع الفتاوى، 15/ 292، 293].
ـ[الناصح]ــــــــ[13 - 08 - 04, 02:19 م]ـ
الكبيرة ما نص عليها بدليل شرعي بلفظ الكبيرة (أكبر الكبائر ... ) (اجتنبوا السبع الموبيقات وفي رواية الكبائر سبع ... )
فمن أين دخول ما فيه وعيد ولعن وحد كل هذه التعريفات فهم من القائل لا بأصل الشرع والحجة ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم
¥