تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[25 - 11 - 04, 09:55 ص]ـ

أيها الفاضل الكريم – لازلت موصلا بكل خير –

نعم لم أستوف بعد كل تعليقاتي، ولكن .. حتى لا ينجر بنا الحديث هكذا في مسائل متشعبة، حبذا لو تحصر اهتمامك في بيان وجه بطلان علم القوم في حساباتهم الفلكية من الناحية العلمية فقط، وأما إلغاء الشريعة له فذلك نأتيه بعد – إن شاء الله – وكذا مسألة الشهادة وتعارضها مع حساباتهم، ثم مسألة أخلاق أصحاب هذه الصناعة ما أظنها تفيدنا في كثير ولا قليل، فذلك شأنهم وعليها سيحاسبون، أما التعميم فسأجتنبه – إن شاء الله – كما ستجتنبه أنت – بإذن الله – وذكرك الله بالخير.

المهم عندي – الآن - علمهم، هل هو صحيح في طرقه واستنتاجاته؟ هل النتائج التي يخرجون بها علينا فيها من الدقة والصحة ما يزعمون؟ هل بإمكان البشر أن يعلم بتفصيل دقيق حركة هذه الأجرام – الشمس والقمر خاصة – فيما يستقبل من الزمان وفي الماضي فضلا عن الحاضر؟ أم أن هذا مما استأثر الله بعلمه؟ لو كانت الإجابة بالنفي يأتي هنا سؤال لماذا - ربنا سبحانه جل في علاه - يطلب منا في كثير من آيات كتابه العزيز أن ننظر في هذا الكون، و أن نجتهد في معرفة بديع صنعه، ودقة خلقه؟ حتى نصل إلى الإقرار بوحدانيته، ونعترف بعبوديتنا له سبحانه ما أعظمه من إله، وما أحكمه من صانع حكيم عزيز. (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله).

فهل يتحقق هذا أو بعضه إلا وقد جعل ربنا سبحانه معرفة ذلك متيسرة لمن أخذ بأسبابه؟ ثم كيف جعل الله حركة هذه الأجرام مواقيت لعبادته، لو لم يكن فيها من الدقة والضبط ما تعرفه، فهل كلفنا الله بما لا يمكن لنا معرفته؟ هذا – أخي – ما أحبذ – الآن - أن تجتهد في بيانه، من خلال ما علمته أثناء دراستك لهذا الأمر. احصر الأمر في الناحية العلمية، وحاول أن يكون كلامك جازما قاطعا ما استطعت، كما يدعي – بعض – القوم الجزم والقطع في علومهم ونتائجهم، ولا تحصر كلامك أيضا في مسألة (إمكانية الرؤية) بل في مباحث هذا الأمر المختلفة، إمكانية الرؤية، وحساب وقت الاقتران، وشروق الهلال وغروبه، والحضيض والأوج، ومنازل القمر، وبروج الشمس ... وغير ذلك مما تعلمه، هل ما يقوله القوم أو بعضهم صحيح في دقة حركة هذه الأشياء؟ وأنهم علموا ذلك من زمن البابليين والصينيين ..

أعود لما تقدم فأقول: أثرت – بارك الله فيك – مسألة التنبؤ بالغيب، أو قل ادعاء معرفة الغيب، وقد قلت لك إن – بعض! - القوم لا يدعون بل هم فيما يقولونه جازمين، وعلى يقين تام عند أنفسهم في مسائل عديدة من هذا الأمر، ليس منها مسألة (إمكانية الرؤية) في بعض الحالات والأماكن (تفطن لهذه). وذكرت لك هناك أن هذه الدعوى منهم لا تدخل في ما تقوله جزما، وليس هنا محل لدعوى معرفة الغيب، ثم جئت - أخي – وقلت: يا أخي ادعاء الغيب ما هو؟؟

أن تقول: بعد دقيقة سيحدث كذا وتجزم ...

التوقع غير ادعاء الغيب .. ويبدو أنك خلطت بينهما، فحتى لو كانت عندك

نظريات علمية وتجارب وحسابات وكان الأمر متعلقا بالمستقبل ففي العرف

الإسلامي أن تقول توقع ... والفلكيين لا يقولون هذا، بل يجزمون ويتيقنون

قلت: أنا لم أخلط – أخي – أنا أقول لك: كما قلت أنت تماما الفلكيون يقطعون بنتائج حساباتهم، وهم عند أنفسهم يظنون أنهم على الحق، فهل تستطيع أن تبطل دعواهم هذه؟ راجع كلامي مشكورا.

وقد أشرت إليك أن تفرق بين الغيب المطلق الذي استأثر الله بعلمه والغيب النسبي الإضافي الذي من الممكن أن يعلمه بعض الناس أو كلهم، متى ما أخذوا بأسباب ذلك.

فلا غيب – أخي – فيما جعل الله على معرفته أمارات وعلامات معروفة منضبطة، فمتى ما أخذ البشر بها علموا ما لم يكونوا يعلمونه، وليس في هذا علم الغيب، وقولي بعد دقيقة سيحدث كذا، إن كان عن علم وبينة، فما أظن أن في هذا غلط، ويبقى أن يكون المسلم متحليا بما أرشده الله إليه ويقول – إن شاء الله – لأن هناك أمورا فوق علمه وأكبر، لا يدريها، هب أنك تواعدت مع فلان على موعد منضبط، وجلست مع أصحابك وقلت لهم: الآن يدخل علينا فلان، ودخل فعلا هل هذا علم بالغيب، أو دعوى معرفة بالغيب، نعم بالنسبة لمن يجلس معك كان غيبا، وبالنسبة لمن قصر إدراكه يعده كرامة، وبمثل هذا تم الضحك على الكثيرين منذ أزمان عديدة، ولكن في

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير