ـ[محمد الأمين]ــــــــ[08 - 12 - 04, 05:34 ص]ـ
أخي الحبيب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
زهدت في ذلك الموضوع (رغم أهميته) بسبب شدة التطويل وكثرة الخروج عن الموضوع الأساسي وعقم بعض أجزاء الحوار. و والله إني أحب نقاشك، لكنه يستنفذ وقتاً طويلاً عزيزاً علي. ويعلم الله أني مشغول جداً منذ زمن. فإذا وجدت الحوار قد وصل إلى طريق مسدود، فلأي شيء أضيع ساعات طويلة في إكماله؟!
أما قولك "التطويل تدعوا إليه الضرورة" فليس هذا التطويل الذي أتكلم عنه. إنما أتكلم عن وصول النقاش إلى مرحلة السفسطة، أي أنه صار مجرد صف كلام لمجرد الجدال.
لكني سأستجيب لرغبتك -وفقك الله- وأكمل الحوار، رغم ما يستنفذ من وقت.
تقول: إنما أوردت كلام شيخ الإسلام لأمر واحد، وهو أن أبين لك وجه قول من لا يعتبر اختلاف المطالع، وعلى أي شيء بنوا قولهم هذا. أما ما تفرع عن ذلك من المسائل التي ذكرها شيخ الإسلام فليست محل بحثنا، ولم أذكره إلى الآن، فتنبه لهذا أرجوك
أقول: جزاك الله خيراً
ولي ملاحظة خارجة عن الموضوع عن شيء جاء في كلام شيخ الإسلام: [قلت: أحمد اعتمد في الباب على حديث الأعرابي الذي شهد أنه أهل الهلال البارحة، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم الناس على هذه الرؤية، مع أنها كانت في غير البلد، وما يمكن أن تكون فوق مسافة القصر، ولم يستفصله، وهذا الاستدلال لا ينافي ما ذكره ابن عبدالبر، لكن ماحد ذلك؟].
ولا بد من التنبيه إلى أن حديث الأعرابي -على ضعف سنده- ليس في ما يريد استنباطه ابن تيمية. فإن مسافة القصر هي مسيرة ثلاثة أيام. وهو قد أتى بنفس اليوم. فيخرج من هذا قطعاً أنه رآى الهلال ضمن مسافة القصر. وتبقى حجة من قال بمبدأ "مسافة القصر" حجة قوية.
قولك: ليس هناك تناقض ولا غيره، بل شيخ الإسلام يقرر عدم القضاء، قبل هذا الكلام وبعده، ويسير على الجادة في تحقيق بديع. وإنما جاء اللبس للشيخ لمّا فهم من قول شيخ الإسلام
هذا تنبيه جيد. لكن الإلزام باق لمن يحكم على الناس بالقضاء. فهم واقعين في تناقض، كما أوضحناه من قبل. أما شيخ الإسلام فلا يلزمه هذا، لأنه يقرر عدم القضاء.
قولك: مسألة الهلال غير مسألة الشمس، فهذه علق عليها الشارع أحكاما وهذه أحكاما أخرى
ثم قولك: وقولك: وهل عند حدوث خسوف للقمر في المشرق يجوز لأهل المغرب أداء صلاة الخسوف!!!
قلت: وما يمنع من هذا مادام قد علموا ذلك، فالشارع علق ذلك أيضا على رؤية المسلمين لهذه الظاهرة، فمهما رآه جمع من المسلمين، وبلغنا الخبر عنهم بذلك فلنا أن نصلي صلاة الخسوف والكسوف أيضا.
بينهما تناقض عظيم. فمسألة الصلاة لكسوف الشمس، هو أمر متعلق بالصلوات ومتعلق بالشمس. لكنك هنا تعتبره مثل مسألة الهلال. وهذا يناقض قولك الأول.
قولك: ثم ماذا تقول - أخي - والآن تنقل إلينا صورة الكسوف والخسوف مباشرة عبر التلفاز، ونشاهدها بأم أعيننا، فهل نعتبر هذه رؤية ونصلى؟ أم ماذا؟
عجيب جداً. فلو جاء من شخص مثل السمرقندي لعذرته. أما يأتينا من شخص عاقل مثلك فعجيب فعلاً. فهل نصلي الظهر (ونحن في الليل) إذا شاهدنا (عبر التلفاز\الرائي) الشمس بازغة؟!!
قولك: ولكن مخالفك لا يسلم لك بأن هذا أمر الرسول – صلى الله عليه وآله وسلم - وبحثه سيأتي بعد – إن شاء الله - ..
إذا أخبر الصحابي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر بشيء، فهذا حجة عندنا. ولا عبرة بما يقول مخالفي، فالصحابي أعرف منه وأفقه.
قولك: وقد كنت سألتك سابقا عن وجه دلالة حديث كريب على اختلاف المطالع فلكيا، فلم أتلق جوابا إلى الآن، فأرجو بيان ذلك
قد سبق بيانه، ولا أحب الإعادة، فارجع إليه مشكوراً.
قولك: كيف ذلك - أخي - هل هناك أحد من الصحابة ذكر له أن الهلال ثبتت رؤيته عند قوم ولم يأخذ بذلك؟ أم أن ما حصل مع ابن عباس حصل مع غيره؟
قد عمل بذلك كل أهل المدينة (بما فيهم ابن عباس) فأكملوا الصوم على رؤيتهم، ولم يصوموا مع معاوية وأهل الشام. وما أنكر عليهم معاوية ولا أحد من الصحابة في الشام. مع أنه لا شك أنه وصلهم أن أهل المدينة ما صاموا معهم، فهذه المسائل تشتهر جداً وليست من المسائل المخفية.
والمسألة ليست مختصة بالصحابة وحدهم، بل عمل بهذا جماهير أهل العلم. ولذلك قال الإمام الترمذي بعد أن صحح الحديث (3
76): «والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم: أن لكل أهل بلد رؤيتهم»، ولم يحك سواه.
قولك: هلا بينت لي كيف أثبت اختلاف المطالع؟
أقول: سبحان الله. كأنك لم تقرأ الحديث بعد! وسأعيده لك مع أني لا أحب التطويل:
عن كُريب قال: قدمت الشام و استهل على هلال رمضان و انا بالشام فرأيت الهلال ليلة الجمعة ثم قدمت المدينة فى أخر الشهر فسألنى بن عباس و ذكر الهلال فقال: متى رأيتم الهلال: فقلت رأيناة ليلة الجمعة , فقال أنت رأيتة؟ فقلت نعم و رآة الناس و صاموا و صام معاوية , فقال: و لكنا رأيناة ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نكمل الثلاثين , أو نراة , فقلت: ألا تكتفى برؤية معاوية و صيامة؟ فقال: لا , هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه و سلم
¥