11 ـ عن بلال بن رباح أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال له غداة جمع: " يا بلال أسكت الناس، أو أنصت الناس، ثم قال: إن الله تطول عليكم في جمعكم هذا فوهب مسيئكم لمحسنكم، وأعطي محسنكم ما سأل، ادفعوا باسم الله "
قال الغزالي:
" وأما الوقوف بعرفة، فاذكر بما ترى من ازدحام الخلق، وارتفاع الأصوات، وباختلاف اللغات، واتباع الفرق أئمتهم في الترددات على المشاعر، اقتفاء لهم وسيرا بسيرهم، عرصات القيامة واجتماع الأمم مع الأنبياء والأئمة، واقتفاء كل أمة نبيها، وطمعهم في شفاعتهم وتحيرهم في ذلك الصعيد الواحد بين الرد والقبول، وإذا تذكرت ذلك، فألزم قلبك الضراعة والابتهال إلى الله ـ عز وجل ـ فتحشر في زمرة الفائزين المرحومين، وحقق رجاءك بالإجابة "
وقال أيضا:
" فإذا اجتمعت هممهم، وتجردت للضراعة والابتهال قلوبهم، وارتفعت إلى الله سبحانه أيديهم وامتدت إلى أعناقهم، وشخصت نحو السماء أبصارهم، مجتمعين بهمة واحدة على طلب الرحمة، فلا تظنن أنه يخيب أملهم، ويضيع سعيهم، ويدخر عنهم رحمة تغمرهم، ولذلك قيل: إن من أعظم الذنوب أن يحضر عرفات ويظن أن الله تعالى لم يغفر له "
وقال أيضا: " ويروى عن علي بن موفق قال:
حججت سنة، فلما كان ليلة عرفة نمت بمنى في مسجد الخيف، فرأيت في المنام كأن ملكين قد نزلا من السماء، عليهما ثياب خضر، فنادى أحدهما صاحبه: يا عبد الله.
فقال الآخر: لبيك يا عبد الله.
قال: تدري كم حج بيت ربنا ـ عز وجل ـ في هذه السنة؟
قال:لا أدري.
قال ـ حج بيت ربنا ستمائة ألف. أفتدري كم قبل منهم؟
قال: لا.
قال: ستة أنفس.
قال: ثم ارتفعا في الهواء فغابا عني، فانتبهت فزعا واغتممت غما شديدا وأهمني أمري.
فقلت: إذا قبل حج ستة أنفس فأين أكون أنا في ستة أنفس؟
فلما أفضت من عرفة قمت عند المشعر الحرام، فجعلت أفكر في كثرة الخلق وفي قلة من قبل منهم، فحملني النوم، فإذا الشخصان قد نزلا على هيئتهما، فنادى أحدهما صاحبه وأعاد الكلام بعينه، ثم قال: أتدري ماذا حكم ربنا ـ عز وجل ـ في هذه الليلة؟
قال: لا.
قال: فإنه وهب لكل واحد من الستة مائة ألف.
قال: فانتبهت وبي من السرور ما يجل عن الوصف "
ـ قال ابن جماعة:
" وإذا وقفت بعرفة مع الناس، فتذكر بذلك حال وقوفك بين يدي الله تعالى يوم القيامة مع الخلائق، وما هم فيه من الأهوال، منتظرين ما يقضى عليهم من جنة أو نار، وكذلك أهل عرفة منتظرون ما قسم لهم من قبول أو رد.
وتذكر بانتظار غروب الشمس انتظار أهل المحشر فصل القضاء بشفاعة سيدنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ.
وتذكر بأحوال الناس في الموقف بعرفة، ـ وهم بين راكب وماش وعاجز ـ حالهم يوم القيامة، منهم من يحشر راكبا على النجائب، ومنهم من يحشر ماشيا، ومنهم من يحشر على وجهه.
واحذر كل الحذر من الوقوف بعرفة وأنت مصر على سيء من المعاصي، أو ناو العود إلى نوع من المظالم والمناهي، وانظر بين يدي من أنت واقف، فإن الله تعالى لا تخفى عليه خافية "
ـ وعن علي ـ رضي الله عنه ـ " أنه سمع يوم عرفة رجلا يسأل الناس، فقال: أفي هذا اليوم وفي هذا المكان تسأل من غير الله؟ فخفقه بالدرة. رواه رزين. "
صوم يوم عرفة لغير الحاج
1 ـ عن أبي سعيد الخدري عن قتادة بن النعمان قال سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: " من صام يوم عرفة غفر له سنة أمامه وسنة بعده "
2 ـ عن أبي قتادة قال قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: " صيام يوم عرفة إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده "
قال الذهبي:
" عن أحمد حدثنا معتمر، عن الفضيل بن ميسرة، عن أبي حريز، أن سعيد بن جبير قال: لا تطفئوا سرجكم ليالي العشر، تعجبه العبادة، ويقول: أيقظوا خدمكم يتسحرون لصوم يوم عرفة "
السلف في يوم عرفة
الجود في يوم عرفة:
قال الذهبي:
" عن يحيى بن بكير حدثنا عبد الحميد بن سليمان سمعت مصعب بن ثابت يقول: بلغني والله أن حكيم بن حزام حضر يوم عرفة، ومعه مئة رقبة، ومائة بدنة، ومائة بقرة، ومائة شاة فقال: الكل لله "
قال الذهبي:
" قال الصولي: كان المقتدر يفرق يوم عرفة من الضحايا تسعين ألف رأس "
قال ابن الجوزي:
¥