وذكر عن مهنا قال سألت أحمد عن شهود هذه الأعياد التي تكون عندنا بالشام مثل طور يابور ودير أيوب وأشباهه يشهده المسلمون ويشهدون الأسواق ويجلبون الغنم فيه والبقر والرقيق والبر والشعير وغير ذلك إلا أنهم إنما يدخلون في الأسواق يشترون ولا يدخلون عليهم بيعهم قال إذا لم يدخلوا عليهم بيعهم وإنما يشهدون السوق فلا بأس وإنما رخص أحمد رحمه الله في شهود السوق بشرط أن لا يدخلوا عليهم بيعهم
فعلم منعه من دخول بيعهم
وكذلك أخذ الخلال من ذلك المنع من خروج المسلمين في أعيادهم فقد نص أحمد على مثل ما جاء عن عمر رضي الله عنه من المنع من دخول كنائسهم في أعيادهم وهو كما ذكرنا من باب التنبيه عن المنع من أن يفعل كفعلهم
وأما الرطانة وتسمية شهورهم بالأسماء العجمية
فقال أبو محمد الكرماني المسمى بحرب باب تسمية الشهور بالفارسية قلت لأحمد فإن للفرس أياما وشهورا يسمونها بأسماء لا تعرف فكره ذلك أشد الكراهة وروى فيه عن مجاهد أنه يكره أن يقال آذرماه وذي ماه قلت فإن كان اسم رجل أسميه به فكرهه وقال وسألت إسحاق قلت تاريخ الكتاب يكتب بالشهور الفارسية مثل آذرماه وذي ماه قال إن لم يكن في تلك الأسامي اسم يكره فأرجو
قال وكان ابن المبارك يكره إيزدان يحلف به وقال لا آمن أن يكون أضيف إلى شيء يعبد وكذلك الأسماء الفارسية
قال وكذلك أسماء العرب كل شيء مضاف
قال وسألت إسحاق مرة أخرى قلت الرجل يتعلم شهور الروم والفرس قال كل اسم معروف في كلامهم فلا بأس
فما قاله أحمد من كراهة هذه الأسماء له وجهان اقتضاء الصراط [جزء 1 - صفحة 203]
أحدهما إذا لم يعرف معنى الاسم جاز أن يكون معنى محرما فلا ينطق المسلم بما لا يعرف معناه ولهذا كرهت الرقى العجمية كالعبرانية أو السريانية أو غيرها خوفا أن يكون فيها معان لا تجوز
وهذا المعنى هو الذي اعتبره إسحق ولكن إذا علم أن المعنى مكروه فلا ريب في كراهته وإن جهل معناه فأحمد كرهه
وكلام إسحق يحتمل أنه لم يكره
والوجه الثاني كراهة أن يتعود الرجل النطق بغير العربية فإن اللسان العربي شعار الإسلام وأهله واللغات من أعظم شعائر الأمم التي بها يتميزون
ولهذا كان كثير من الفقهاء أو أكثرهم يكرهون في الأدعية التي في الصلاة والذكر أن يدعي الله أو يذكر بغير العربية
وقد اختلف الفقهاء في أذكار الصلاة هل تقال بغير العربية وهي ثلاث درجات أعلاها القرآن ثم الذكر الواجب غير القرآن كالتحريمة بالإجماع وكالتحليل والتشهد عند من أوجبه ثم الذكر غير الواجب من دعاء أو تسبيح أو تكبير وغير ذلك
فأما القرآن فلا يقرؤه بغير العربية سواء قدر عليها أو لم يقدر عند الجمهور وهو الصواب الذي لا ريب فيه بل قد قال غير واحد إنه يمتنع أن يترجم سورة أو ما يقوم به الإعجاز
واختلف أبو حنيفة وأصحابه في القادر على العربية
وأما الأذكار الواجبة فاختلف في منع ترجمة القرآن هل تترجم للعاجز عن العربية وعن تعلمها وفيه لأصحاب أحمد وجهان
أشبههما بكلام أحمد أنه لا يترجم وهو قول مالك وإسحق
والثاني يترجم وهو قول أبي يوسف ومحمد الشافعي
وأما سائر الأذكار فالمنصوص من الوجهين أنه لا يترجمها ومتى فعل اقتضاء الصراط [جزء 1 - صفحة 204]
بطلت صلاته وهو قول مالك وإسحاق وبعض أصحاب الشافعي
والمنصوص عن الشافعي أنه يكره ذلك بغير العربية ولا يبطل
ومن أصحابنا من قال له ذلك إذا لم يحسن العربية
وحكم النطق بالعجمية في العبادات من الصلاة والقراءة والذكر كالتلبية والتسمية على الذبيحة وفي العقود والفسوخ كالنكاح واللعان وغير ذلك معروف في كتب الفقه
وأما الخطاب بها من غير حاجة في أسماء الناس والشهود كالتواريخ ونحو ذلك فهو منهي عنه مع الجهل بالمعنى بلا ريب وأما مع العلم به فكلام أحمد بين في كراهته أيضا فإنه كره آذرماه ونحوه ومعناه ليس محرما
وأظنه سئل عن الدعاء في الصلاة بالفارسية فكرهه وقال لسان سوء
وهو أيضا قد اخذ بحديث عمر رضي الله عنه الذي فيه النهي عن رطانتهم وعن شهود أعيادهم وهذا قول مالك أيضا فإنه قال لا يحرم بالعجمية ولا يدعو بها ولا يحلف بها وقال نهى عمر عن رطانة الأعاجم وقال إنها خب
فقد استدل بنهي عمر عن الرطانة مطلقا
¥