تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الجوع يفيد في شفاء الأمراض الامتلائية

252 - (البطنة أصل الداء , والحمية أصل الدواء , وعودوا كل جسم ما اعتاد) لا أصل له.

قال المحقق ابن القيم في "زاد المعاد": (وأما الحديثُ الدائرُ على ألسنةِ كثير من الناس: "الحِميةُ رأسُ الدواءِ، والمَعِدَةُ بيتُ الداءِ، وعوِّدُوا كلَّ جسم ما اعتاد" فهذا الحديث إنما هو من كلام الحارث ابن كلَدَةَ طبيب العرب، ولا يصحُّ رفعُه إلى النبى صلى الله عليه وسلم، قاله غيرُ واحد من أئمة الحديث).

لكن ذكر السخاوي أن الخلال روى من حديث عائشة: (الأزم دواء , والمعدة داء , وعودوا بدناً ما اعتاد) , وظاهره أنه مرفوع , وقد صرح بذلك السيوطي في "الدرر" كما في "كشف الخفاء" , وأورده في "الجامع الكبير" , ولكنهم لم يذكروا إسناده لينظر فيه , وغالب الظن أنه لا يصح , والله أعلم.

ثم رأيت ابن القيم ذكره في "الزاد" من كلام الحارث بن كلدة أيضاً بهذا اللفظ , وهو الأشبه.

ثم قال ابن القيم: (والأزْمُ دَوَاءٌ، والأزم: الإمساكُ عن الأكل يَعنى به الجوع، وهو من أكبر الأدوية فى شفاء الأمراض الامتلائية كلِّها بحيثُ إنه أفضلُ فى عِلاجها من المستفرغات).

وبهذه المناسبة أقول: لقد جوعت نفسي في أواخر سنة 1379 أربعين يوماً متتابعاً , لم أذق في أثنائها طعاماً قط , ولم يدخل جوفي إلا الماء , وذلك طلباً للشفاء من بعض الأدواء , فعوفيت من بعضها دون بعض , وكنت قبل ذلك تداويت عند بعض الأطباء نحو عشر سنوات دون فائدة ظاهرة , وقد خرجت من التجويع المذكور بفائدتين ملموستين:

الأولى: استطاعة الإنسان تحمل الجوع تلك المدة الطويلة , خلافاً لظن الكثيرين من الناس.

والأخرى: أن الجوع يفيد في شفاء الأمراض الامتلائية , كما قال ابن القيم رحمه الله تعالى , وقد يفيد في غيرها أيضاً , كما جرب كثيرون , ولكنه لا يفيد في جميع الأمراض على اختلاف الأجسام , خلافاً لما يستفاد من كتاب "التطبيب بالصوم" لأحد الكتاب الأوروبيين , وفوق كل ذي علم عليم.

لم يرد إطلاق الحج إلى شيء مما يزار إلا بيت الله الحرام

265 - (يا أبا هريرة , علم الناس القرآن , وتعلمه , فإنك إن مت وأنت كذلك , زارت الملائكة قبرك كما يزاز البيت العتيق , وعلم الناس سنتي , وإن كرهوا ذلك , وإن أحببت أن لا توقف على الصراط طرفة عين حتى تدخل الجنة , فلا تحدث في دين الله حدثاً برأيك) موضوع.

أخرجه الخطيب , وأبو الفرج بن المسلمة , من طريق عبدالله بن صالح اليماني: حدثني أبو همام القرشي عن سليمان بن المغيرة عن قيس بن مسلم عن طاوس عن أبي هريرة مرفوعاً.

ومن هذا الوجه ذكره ابن الجوزي في "الموضوعات" , وقال: (لا يصح , وأبو همام: محمد بن مجيب [الأصل ك مجبب , وهو تصحيف] , قال يحيى: كذاب , وقال حاتم: ذاهب الحديث).

وتعقبه السيوطي في "اللآلىء بقوله: (قلت: له طريق آخر , قال أبو نعيم: حدثنا عبدالله بن محمد بن جعفر حدثنا محمد بن عبدالرحيم بن شبيب عن محمد بن قدامة المصيصي عن جرير عن الأعمش عن صالح عن أبي هريرة مرفوعاً).

قلت: فذكره نحوه , إلا أنه قال (فإن أتاك الموت وأنت كذلك , حجت الملائكة إلى قبرك , كما يحج المؤمنون إلى بيت الله الحرام).

وسكت عليه السيوطي , وهو بهذا اللفظ أشد نكارة عندي من الأول , لما فيه من ذكر الحج إلى القبر , فإنه تعبير مبتدع لا أصل له في الشرع , ولم يرد فيه إطلاق الحج إلى شيء مما يزار إلا بيت الله الحرام , وإنما يطلق الحج إلى القبور , المبتدعة الذين يغالون في تعظيم القبور , مثل شد الرحال إليها , والبيات عندها , والطواف حولها , والدعاء والتضرع لديها , ونحو ذلك مما هو من شعائر الحج , حتى لقد ألف بعضهم كتاباً سماه "مناسك حج المشاهد والقبور" , على ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في كتبه , وهذا ضلال كبير لا يشك مسلم شم رائحة التوحيد الخالص في كونه أكره شيء إليه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فكيف يعقل إذن أن ينطق عليه السلام بهذا الكلمة: (حجت الملائكة إلى قبرك كما يحج المؤمنون إلى بيت الله الحرم)؟ , اللهم إن القلب يشهد أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما صدر منه حرف من هذا , فقبح الله من وضعه.

كتاب التاريخ والسيرة وفضائل الصحابة

لا يجوز نفى النسيان عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير