والحديث في ظاهره مخالف لقوله تعالى (إِنّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ) , لأن القتل دون الشرك قطعاً , فكيف لا يغفره الله؟ وقد وفق المناوي تبعاً لغيره بحمل الحديث على ما إذا استحل , وإلا فهو تهوبل وتغليظ , وخير منه قول السندي في حاشيته على النسائي: (وكأن المراد كل ذنب ترجى مغفرته ابتداء إلا قتل المؤمن فإنه لا يغفر بلا سبق عقوبة وإلا الكفر فإنه لا يغفر أصلا ولو حمل على القتل مستحلا لا يبقى المقابلة بينه وبين الكفر [يعني: لأن الاستحلال كفر , ولا فرق بين استحلال القتل أو غيره من الذنوب , إذ كل ذلك كفر]. ثم لابد من حمله على ما إذا لم يتب وإلا فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له كيف وقد يدخل القاتل والمقتول الجنة معا كما إذا قتله وهو كافر ثم آمن وقتل).
النهي عن سب الدهر
531 - (قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَقُولُ يَا خَيْبَةَ الدَّهْر [وفي رواية: يَسُبُّ الدَّهْرَ] فَلَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ يَا خَيْبَةَ الدَّهْرِ فَإِنِّي أَنَا الدَّهْرُ أُقَلِّبُ لَيْلَهُ وَنَهَارَهُ فَإِذَا شِئْتُ قَبَضْتُهُمَا).
معني الحديث:
قال المنذري: (ومعنى الحديث: أن العرب كانت إذا نزلت بأحدهم نازلة وأصابته مصيبة أو مكروه , يسب الدهر اعتقاداً منهم أن الذي أصابه فعل الدهر , كما كانت العرب تيتمطر بالأنواء وتقول: مطرنا بنوء كذا , اعتقاداً أن ذلك فعل الأنواء , فكان هذا كاللاعن للفاعل , ولا فاعل لكل شيء إلا الله تعالى خالق كل شيء وفاعله , فنهاهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك.
وكان [محمد] بن داود ينكر رواية أهل الحديث: " وأنا الدهر " بضم الراء ويقول: لو كان كذلك كان الدهر اسماً من أسماء الله عز وجل , وكان يرويه: " وأنا الدهر أقلب الليل والنهار " بفتح راء الدهر , على النظر في معناه: أنا طول الدهر والزمان أقلب الليل والنهار , ورجح هذا بعضهم ورواية من قال: "فإن الله هو الدهر " يرد هذا , والجمهور على ضم الراء , والله أعلم".
وللحديث طريق أخرى بلفظ وهو:
532 - (لَا تَسُبُّوا الدَّهْرَ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ أَنَا الدَّهْرُ الْأَيَّامُ وَاللَّيَالِي لِي أُجَدِّدُهَا وَأُبْلِيهَا وَآتِي بِمُلُوكٍ بَعْدَ مُلُوكٍ).
من لقي الله مدمن خمر مستحلاً لشربه، لقيه كعابد وثن
677 - (مُدْمِنُ الْخَمْرِ إِنْ مَاتَ لَقِيَ اللَّهَ كَعَابِدِ وَثَنٍ).
أخرجه احمد (1/ 272):ثنا اسود بن عامر: ثنا الحسن –يعني: ابن صالح-عن محمد بن المنكدر قال: حدثت عن ابن عباس انه قال: قال رسول لله صلى عليه وسلم: فذكره.
ورواه عبد بن حميد في ((المنتخب)) (80/ 1) والخلعي في ((الفوائد)) (501/ 1) عن الحسن بن صالح به.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم، غير شيخ ابن المنكدر فهو مجهول لم يسم، وقد جاء مسمى في بعض الطرق، فأخرجه ابن حبان في ((صحيحه)) (1379)، وعنه الضياء المقدسي في ((الأحاديث المختارة)) (154/ 1)، وابن عدي في ((الكامل)) (220/ 1)) عن عبدالله بن خراش: حدثنا العوام بن حوشب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به نحوه. وقال ابن عدي:
((عبد الله بن خراش منكر الحديث)).
قلت: ولم يتفرد به، فقد رواه اسرئيل: نا حكيم بن جبير عن سعيد بن جبير به.
أخرجه ابن أبي حاتم (2/ 26)، والسلفي في ((الطيوريات)) (198/ 1)، وكذا ابونعيم في ((الحلية)) (9/ 253) من طرق عن اسرئيل به. قال ابن أبي حاتم:
((ورواه احمد بن يونس فقال: عن اسرئيل عن ثوير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم،قال أبي: حديث حكيم عندي اصح. قلت لأبي: فحكيم بن جبير أحب إليك اوثوير؟ فقال:ما فيهما إلا ضعيف غال في التشيع ز قلت: فأيهما أحب أليك؟ قال:هما متقاربان)).
وقد أخرجه الطبراني في ((الأوسط)) (3/ 161/2)،وابن بشران في ((الامالي)) (52/ 87/2) عن ثوير بن أبي فاختة به.
ثم روى ابن أبي حاتم عن أبي زرعة انه رجح أيضا حديث حكيم.
قلت: وهو ضعيف كما في ((التقريب))، وكذلك ثوير.
ثم قال ابن أبي حاتم (2/ 27).
¥