313 - (أعجزتم أن تكونوا مثل عجوز بني إسرائيل؟ [فقال أصحابه: يا رسول الله! وما عجوز بني إسرائيل؟] قال: إن موسى لما سار ببني إسرائيل من مصر؛ ضلوا الطريق، فقال: ما هذا؟ فقال علماؤهم: [نحن نحدثك:] إن يوسف لما حضره الموت؛ أخذ علينا موثقا من الله أن لا نخرج من مصر حتى ننقل عظامه معنا. قال: فمن يعلم موضع قبره؟ [قالوا: ما ندري أين قبر يوسف إلا] عجوز من بني إسرائيل، فبعث إليها، فأتته، فقال: دلوني على قبر يوسف. قالت: [لا والله؛ لا افعل] حتى تعطيني حكمي. قال: وما حكمك؟ قالت: أكون معك في الجنة. فكره أن يعطيها ذلك، فأوحى الله إليه أن أعطها حكمها، فانطلقت بهم إلى بحيرة؛ موضع مستنقع ماء، فقالت: أنضبوا هذا الماء، فأنضبوا. قالت: احفروا واستخرجوا عظام يوسف. فلما أقلوها إلى الأرض؛ إذا الطريق مثل ضوء النهار).
أخرجه أبو يعلى , والحاكم من ثلاث طرق عن يونس بن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى قال: أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعربياً فأكرمه , فقال له: ائتنا. فأتاه , فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [وفي رواية: نزل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأعربي فأكرمه , فقال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تعهدنا ائتنا. فأتاه الأعرابي , فقال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] سل حاجتك. فقال: ناقة برحلها وأعنزاً يحلبها أهلي , فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فذكره).
فائدة: كنت استشكلت قديماً قوله في هذا الحديث: (عظام يوسف) , لأنه يتعارض بظاهره مع الحديث الصحيح: (إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء) , حتى وقفت على حديث ابن عمر رضي الله عنهما: (أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َلما بدن , قال له تميم الداري: ألا أتخذ لك منبراً يارسول الله يجمع أو يحمل عظامك؟ قال: بلى , فأتخذ له منبراً مرقاتين).
فعلمت منه أنهم كانوا يطلقون العظام ويريدون البدن كله , من باب إطلاق الجزء وإرادة الكل , كقوله تعالى (وقرآن الفجر) الإسراء 78 , أي: صلاة الفجر , فزال الإشكال والحمد لله فكتبت هذا لبيانه.
كثرة الأتباع وقلتهم ليست معياراً لمعرفة الحق
397 - (ما صدق نبي [من الأنبياء] ما صدقت؛ إن من الأنبياء من لم يصدقه من أمته إلا رجل واحد).
ويشهد للحديث ما روى ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (عرضت علي الأمم , فرأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومعه الرهيط , والنبي ومعه الرجل والرجلان , والنبي ليس معه أحد .. الحديث) , أخرجه الشيخان وغيرهما.
وفي الحديث دليل واضح على أن كثرة الأتباع وقلتهم ليست معيارً لمعرفة كون الداعية على حق أو باطل , فهؤلاء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام , مع كون دعوتهم واحدة , ودينهم واحداً , فقد اختلفوا من حيث عدد أتباعهم قلة وكثرة , حتى كان فيهم من لم يصدقه إلا رجل واحد , بل ومن ليس معه أحد.
ففي ذلك عبرة بالغة للداعية والمدعوين في هذا العصر , فالداعية عليه أن يتذكر هذه الحقيقة , ويمضي قدماً في سبيل الدعوة إلى الله تعالى , ولا يبالي بقلة المستجيبين له , لأنه ليس عليه إلا البلاغ المبين , وله أسوة حسنة بالأنبياء السابقين الذين لم يكن مع أحدهم إلا الرجل والرجلان.
والمدعوا عليه أن لا يستوحش من قلة المستجيبين للداعية , ويتخذ ذلك سبباً للشك في الدعوة الحق وترك الإيمان بها , فضلاً عن أن يتخذ ذلك دليلاً على بطلان دعوته بحجة أنه لم يتبعه أحد , أو إنما اتبعه الأقلون , ولو كانت دعوته صادقة , لاتبعه جماهير الناس , والله عز وجل يقول: (وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ) يوسف 103.
من قصص بني إسرائيل
¥