تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلت: وهذا الأثر في الموطأ بإسناد صحيح عن عمررضي الله عنه , فهو مع الأحاديث المذكورة حجة قوية على المساواة المذكورة.

فالقول باستحباب أن يقف المأموم دون الإمام قليلاً , كما جاء في بعض المذاهب , على تفصيل في ذلك لبعضها , مع أنه مما لا دليل عليه في السنة , فهو مخالف لظواهر هذه الأحاديث , وأثر عمر هذا , وقول عطاء المذكور , وهو الإمام التابعي الجليل ابن أبي رباح , وما كان من الأقوال كذلك , فالأحرى بالمؤمن أن يدعها لأصحابها , معتقد أنهم مأجورون عليها , لأنهم اجتهدوا قاصدين إلى الحق , وعليه هو أن يتبع ما ثبت في السنة , فإن خير الهدي هدي محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

عمرو بن العاص مؤمن

155 - (أَسْلَمَ النَّاسُ وَآمَنَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِي).

وفي الحديث منقبة عظيمة لعمرو بن العاص رضي الله عنه , إذ شهد له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأنه مؤمن , فإن هذا يستلزم الشهادة له بالجنة , لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديث الصحيح المشهور (لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُؤْمِنَةٌ) , متفق عليه , وقال تعالى (وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ) التوبة 72.

وعلى هذا , فلا يجوز الطعن في عمرو رضي الله عنه – كما يفعل بعض الكتاب المعاصرين وغيرهم من المخالفين – بسبب ما وقع له من الخلاف – بل القتال – مع علي رضي الله عنه , لأن ذلك لا ينافي الإيمان , فإنه لا يستلزم العصمة كما لا يخفى , لا سيما إن قيل: إن ذلك وقع منه بنوع الاجتهاد , وليس اتباعاً للهوى.

وفي الحديث أيضا إشارة إلى أن مسمى الإسلام غير الإيمان , وقد اختلف العلماء في ذلك اختلافاً كثيراً , والحق ما ذهب إليه جمهور السلف من التفريق بينهما , لدلالة الكتاب والسنة على ذلك فقال تعالى: (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ) الحجرات 14, وحديث جبريل في التفريق بين الإسلام والإيمان معروف مشهور.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في كتاب الإيمان (ص 305 - طبع المكتب الإسلامي): (والرد إلى الله ورسوله في مسألة الإسلام والإيمان يوجب أن كلاً من الاسمين , وإن كان مسماه واجباً , ولا يستحق أحد الجنة إلا بأن يكون مؤمناً مسلماً , فالحق في ذلك ما بينه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث جبريل , فجعل الدين وأهله ثلاث طبقات: أولها الإسلام , وأوسطها الإيمان , وأعلاها الإحسان , ومن وصل إلى العليا فقد وصل إلى التي تليها , فالمحسن مؤمن , والمؤمن مسلم , وأما المسلم , فلا يجب أن يكون مؤمناً).

ومن شاء بسط الكلام على هذه المسألة مع التحقيق الدقيق , فليرجع إلى الكتاب المذكور , فإنه خير ما ألف في هذا الموضوع.

ويشهد للحديث ما يأتي:

156 - (ابْنَا الْعَاصِ مُؤْمِنَانِ هِشَامٌ وَعَمْرٌو).

تسمية أبي بكر بالصديق

306 - (لما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الأقصى؛ أصبح يتحدث الناس بذلك، فارتد ناس ممن كانوا آمنوا به وصدقوه، وسعوا بذلك إلى أبي بكر رضي الله عنه، فقالوا: هل لك إلى صاحبك يزعم أنه أسري به الليلة إلى بيت المقدس؟ قال: أو قال ذلك؟ قالوا نعم. قال: لئن كان قال ذلك؛ لقد صدق. قالوا: أو تصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح؟ قال: نعم؛ إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك؛ أصدقه بخبر السماء في غدوة أو روحة؛ فلذلك سمي أبو بكر: الصديق).

قد جزم الإمام أبو جعفر الطحاوي بأن سبب تسمية أبي بكر رضي الله عنه بالصديق , إنما هو سبقه الناس إلى تصديقه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على إتيانه بيت المقدس من مكة , ورجوعه منه إلى منزله بمكة في تلك الليلة , وإن كان المؤمنون يشهدون لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمثل ذلك إذا وقفوا عليه.

أعجزتم أن تكونوا مثل عجوز بني إسرائيل

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير