تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هذا , ومما يجب أن يعلم بهذه المناسبة أن قوله صلى الله عليه وسلم (لَا يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ إِلَّا الَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ حَتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ) رواه البخاري في (الفتن) من حديث أنس مرفوعاً.

فهذا الحديث ينبغي أن يفهم على ضوء الأحاديث المتقدمة وغيرها , مثل أحاديث المهدي , ونزول عيسى عليه السلام , فإنها تدل على أن هذا الحديث ليس على عمومه , بل هو من العام المخصوص , فلا يجوز إفهام الناس أنه على عمومه , فيقعوا في اليأس الذي لا يصح أن يتصف به المؤمن (إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) يوسف 87 , أسأل الله أن يجعلنا مؤمنين به حقاً.

يُسَمُّونَ الْخَمْرِ بِغَيْرِ اسْمِهَا

89 - (إِنَّ أَوَّلَ مَا يُكْفَأُ - يَعْنِي الْإِسْلَامَ - كَمَا يُكْفَأُ الْإِنَاءُ - يَعْنِي الْخَمْرِ - فَقِيلَ فَكَيْفَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ فِيهَا مَا بَيَّنَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا).

وقد وجدت للحديث طريقاً آخر أخرجه أبويعلى , ولفظه: (أول ما يكفأ الإسلام كما يكفأ الإناء في شراب يقال له الطلاء) , إسناده صحيح.

والطلاء: قال في النهاية: (بالكسر والمد: الشراب المطبوخ من عصير العنب , وهو الرب) , ثم ذكر الحديث , ثم قال: هذا نحو الحديث الآخر: سيشرب ناس من أمتي الخمر , يسمونها بغير اسمها. يريد أنهم يشربون النبيذ المسكر المطبوخ , ويسمونه طلاء , تحرجاً من أن يسموه خمراً)

وللحديث شاهد صحيح بلفظ:

90 - (لَيَسْتَحِلَّنَّ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ بِاسْمٍ يُسَمُّونَهَا إِيَّاهُ , وفي رواية: يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا).

91 - (لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ يَرُوحُ عَلَيْهِمْ بِسَارِحَةٍ لَهُمْ يَأْتِيهِمْ لِحَاجَةٍ فَيَقُولُونَ ارْجِعْ إِلَيْنَا غَدًا فَيُبَيِّتُهُمْ اللَّهُ وَيَضَعُ الْعَلَمَ وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ).

رواه البخاري في صحيحه تعليقاً , فقال: (بَاب مَا جَاءَ فِيمَنْ يَسْتَحِلُّ الْخَمْرَ وَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ حَدَّثَنَا عَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ الْكِلَابِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَنْمٍ الْأَشْعَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عَامِرٍ أَوْ أَبُو مَالِكٍ الْأَشْعَرِيُّ - وَاللَّهِ مَا كَذَبَنِي - سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (فذكره).

وقد وصله أبن حبان , والطبراني , والبيهقي , وابن عساكر , وغيرهم من طرق عن هشام بن عمارة به.

وله طريق آخرى عن عبدالرحمن بن يزيد , فقال ابوداود: حدثنا عبدالوهاب بن نجدة: ثنا بشر بن بكر عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر به.

ورواه ابن عساكر من طريق آخرى عن بشر به.

قلت: وهذا إسناد صحيح , ومتابعته قوية لهشام بن عمارة وصدقة بن خالد , ولم يقف على ذلك ابن حزم في المحلى , ولا في رسالته في إباحة الملاهي , فأعل إسناد البخاري بالانقطاع بينه وبين هشام وبغير ذلك من العلل الواهية التي بينه العلماء من بعده , وردوا علي تضعيفه للحديث من أجلها , مثل المحقق ابن القيم في تهذيب السنن , والحافظ ابن حجر في الفتح , وغيرهما , وقد فصلت القول في ذلك في جزء عندي في الرد علي رسالة ابن حزم المشار إليها , يسر الله تبييضه ونشره.

وابن حزم رحمه الله , مع علمه وفضله وعقله , فهو ليس طويل الباع في الاطلاع على الأحاديث وطرقها ورواتها , ومن الأدلة علي ذلك تضعيفه لهذا الحديث , وقوله في الإمام الترمذي صاحب السنن (مجهول) – قالها في كتاب الفرائض كما في تهذيب التهذيب – وذلك مما حمل العلامة محمد بن عبدالهادي – تلميذ ابن تيمية – علي ان يقول في ترجمته في (مختصر طبقات علماء الحديث): (وهو كثير الوهم في الكلام في تصحيح الحديث وتضعيفه , وعلى أحوال الرواة).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير