وفي رواية من طريق أخرى عنه مرفوعاً بلفظ: (يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَدْعُو الرَّجُلُ ابْنَ عَمِّهِ وَقَرِيبَهُ هَلُمَّ إِلَى الرَّخَاءِ هَلُمَّ إِلَى الرَّخَاءِ وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَخْرُجُ مِنْهُمْ أَحَدٌ رَغْبَةً عَنْهَا إِلَّا أَلف اللَّهُ فِيهَا خَيْرًا مِنْهُ أَلَا إِنَّ الْمَدِينَةَ كَالْكِيرِ تُخْرِجُ الْخَبِيثَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَنْفِيَ الْمَدِينَةُ شِرَارَهَا كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ)، أخرجه مسلم , وابن حبان.
الغريب:
1 - (أُمِرْتُ بِقَرْيَةٍ) , قال الخطيب: (المعنى: أمرت بالهجرة إلى قرية , تَأْكُلُ الْقُرَى , أي يأكل أهلها القرى كما قال الله تعالى (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً) , النحل 112 , يعني: قرية كان أهلها مطمئنين , وكان ذكر القرية عن هذا كناية عن أهلها , وأهلها المرادون بها لا هي , والدليل على ذلك قوله تعالى (فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) , النحل 112 , والقرية لا صنع لها , وقوله: (فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ) , النحل 112 , والقرية لا كفر لها.
2 - (تَأْكُلُ الْقُرَى) , بمعنى تقدر عليها , كقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا) النساء 10 , ليس يعني بذلك أكلتها دون محتجبيها عن اليتامى لا بأكل لها , وكقوله تعالى (وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا) النساء 6 , يعني: تغلبوا عليها إسرافاً على أنفسكم , وبداراً أن يكبروا , فيقيموا الحجة عليكم بها , فينتزعوها منكم لأنفسهم , فكان الأكل فيما ذكرنا يراد به الغلبة على الشئ , فكذلك في الحديث.
من أعلام نبوته
279 - (لا تقوم الساعة حتى يبني الناس بيوتا يوشونها وشي المراحل).
المراحل: فسرها إبراهيم شيخ البخاري بأنها الثياب المخططة , وفي النهاية: المرحل: الذي قد نقش فيه تصاوير الرحال , ومنه الحديث: (كان يصلي وعليه من هذه المرحلات) , يعني: المروط المرحلة , وتجمع على المراحل , ومنه هذا الحديث .. يوشونها وشي المراحل , ويقال لذلك العمل الترحيل.
393 - (كلوا من جوانبها، ودعوا ذروتها؛ يبارك لكم فيها. ثم قال: خذوا فكلوا؛ فوالذي نفس محمد بيده؛ ليفتحن عليكم أرض فارس والروم، حتى يكثر الطعام، فلا يذكر اسم الله عليه).
رواه أبوبكر الشافعي , وعنه ابن عساكر , والبيهقي , والضياء عن عمرو بن عثمان: ثنا أبي: ثنا محمد بن عبدالرحمن بن عرق: ثنا عبدالله بن بسر قال: " أهديت للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شاة , والطعام يومئذ قليل , فقال لأهله: اطبخوا هذه الشاة , وانظروا إلى هذا الدقيق فاخبزوه , اطبخوا وأثردوا عليه , قال: وكان للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قصعة يقال لها: الغراء , يحملها أربهة رجال , فلما أصبح وسبحوا الضحى , أتى بتلك القصعة , والتقوا عليها , فإذا كثر الناس , جثا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فقال أعرابي: ما هذه الجلسة؟ فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن الله جعلني عبداً كريماً , ولم يجعلني جباراً عنيداً , ثم قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فذكره).
والحديث علم من أعلام نبوته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فقد فتح سلفنا أرض فارس والروم , وورثنا ذلك منهم , وطغى الكثيرون منا , فأعرضوا عن الشريعة وآدبها , التي منها ابتداء الطعام بـ (بسم الله) , فنسوا هذا حتى لا تكاد فيهم ذاكراً.
جواز تمني الموت تديناً
578 - (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرَّجُلِ فَيَقُولَ يَا لَيْتَنِي مَكَانَهُ مَا بِهِ حُبُّ لِقَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ).
¥