(أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ فِي الْمَنَامِ ظُلَّةً تَنْطُفُ بالسَّمْنَ وَالْعَسَلَ فَأَرَى النَّاسَ يَتَكَفَّفُونَ مِنْهَا فَالْمُسْتَكْثِرُ وَالْمُسْتَقِلُّ وَإِذَا سَبَبٌ وَاصِلٌ مِنْ الْأَرْضِ إِلَى السَّمَاءِ فَأَرَاكَ أَخَذْتَ بِهِ فَعَلَوْتَ ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَعَلَا بِهِ ثُمَّ أَخَذَه رَجُلٌ آخَرُ فَعَلَا بِهِ ثُمَّ أَخَذَهِ رَجُلٌ فَانْقَطَعَ ثُمَّ وُصِلَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَاللَّهِ لَتَدَعَنِّي فَأَعْبُرَهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ له اعْبُرْهَا قَالَ أَمَّا الظُّلَّةُ فَالْإِسْلَامُ وَأَمَّا الَّذِي يَنْطُفُ مِنْ الْعَسَلِ وَالسَّمْنِ فَالْقُرْآنُ حَلَاوَتُهُ تَنْطُفُ فَالْمُسْتَكْثِرُ مِنْ الْقُرْآنِ وَالْمُسْتَقِلُّ وَأَمَّا السَّبَبُ الْوَاصِلُ مِنْ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ فَالْحَقُّ الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ تَأْخُذُ بِهِ فَيُعْلِيكَ اللَّهُ ثُمَّ يَأْخُذُ بِهِ رَجُلٌ فَيَعْلُو بِهِ ثُمَّ يَأْخُذُ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَيَعْلُو بِهِ ثُمَّ يَأْخُذُ بهُ رَجُلٌ فَيَنْقَطِعُ بِهِ ثُمَّ يُوَصَّلُ لَهُ فَيَعْلُو بِهِ فَأَخْبِرْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ أَصَبْتُ أَمْ أَخْطَأْتُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصَبْتَ بَعْضًا وَأَخْطَأْتَ بَعْضًا قَالَ فَوَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَتُحَدِّثَنِّي بِالَّذِي أَخْطَأْتُ قَالَ لَا تُقْسِمْ).
غريب الحديث:
ظلة , أي: سحابة لها ظل , وكل ما أظل من سقيفة ونحوها يسمى ظلة.
تنطف , أي: تقطر , والنطف: القطر.
يتكففون , أي: يأخذون بأكفهم.
سبب , أي: حبل.
فضل الكفاف والقناعة به
129 - (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ وَرُزِقَ كَفَافًا وَقَنَّعَهُ اللَّهُ بِمَا آتَاهُ).
وفي هذا الحديث فضل الكفاف والقناعة به , ومثله الحديث الآتي:
130 - (اللَّهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَ آلِ مُحَمَّدٍ قُوتًا).
في هذا الحديث والذي قبله دليل على فضل الكفاف , وأخذ البلغة من الدنيا والزهد فيما فوق ذلك , رغبة في توفر نعيم الآخرة , وإيثاراً لما يبقى على ما يفنى , فينبغي للأمة أن تقتدي به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم في ذلك , وقال القرطبي: (معنى الحديث أنه طلب الكفاف , فإن القوت ما يقوت البدن ويكف عن الحاجة , وفي هذه الحالة سلامة من آفات الغنى والفقر جميعاً , كذا في فتح الباري).
قلت: ومما لا ريب فيه أن الكفاف يختلف باختلاف الأشخاص , والأزمان والأحوال , فينبغي للعاقل أن يحرص على تحقيق الوضع الوسط المناسب له , بحيث لا ترهقه الفاقة , ولا يسعي وراء الفضول الذي يوصله إلى التبسط والترفه , فإنه في هذه الحال قلما يسلم من عواقب جمع المال , لا سيما في هذا الزمان الذي كثرت فيه مفاتنه , وتيسرت على الأغنياء سبله , أعاذنا الله تعالى من ذلك , ورزقنا الكفاف من العيش.
التكني ممن ليس له ولد
132 - (اكْتَنِي [بابنك عبدالله – يعني: ابن الزبير] أَنْتِ أُمَّ عَبْدِ اللَّهِ).
أخرجه الإمام أحمد: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كُلُّ نِسَائِكَ لَهَا كُنْيَةٌ غَيْرِي فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فذكره بدون الزيادة) قال: فَكَانَ يُقَالُ لَهَا أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ حَتَّى مَاتَتْ وَلَمْ تَلِدْ قَطُّ.
¥