أو الجاهلية، كان ذريعة إلى إقامة شعار هذه الأيام وإحياء أمرها، وإظهار حالها بخلاف السبت والأحد، فإنهما من حساب المسلمين، فليس في صومهما مفسدة، فيكون استحباب صوم أعيادهم المعروفة بالحساب العربي الإسلامي، مع كراهة الأعياد المعروفة بالحساب الجاهلي العجمي، توفيقاً بين الآثار، والله اعلم انتهى.
ـ قول أبي داود في نسخ الحديث
(حديث عبد الله بن بسر):
قال أبو داود في سننه (2/ 806) بعد روايته لهذا الحديث: وهذا الحديث منسوخ ا هـ.
لم يذكر ذلك أحد ممن ألف في الناسخ والمنسوخ كأبي بكر محمد بن موسى الحازمي في كتابه ((الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار)) وأبي حفص عمر بن أحمد بن شاهين في كتابه ((ناسخ الحديث ومنسوخة)) وأبي إسحاق برهان الدين إبراهيم بن عمر الجعبري المتوفى سنة 732هـ في كتابه ((رسوخ الأحبار في منسوخ الأخبار)).
قال الحافظ ابن حجر في ((تلخيص الحبير)) (2/ 216): وادعي أبو داود أن هذا منسوخ (يعني حديث ابن بسر) ولايتبين وجه النسخ فيه.
ثم قال: قلت: يمكن أن يكون أخذه من كونه صلى الله عليه وسلم كان يحب موافقة أهل الكتاب في أول الأمر، ثم في آخر أمره قال: خالفوهم، فالنهي عين صوم يوم السبت يوافق الحالة الأولى، وصيامه إياه يوافق الحالة الثانية.
وهذه صورة النسخ، والله اعلم ا هـ.
[من فتاوى العلماء المعاصرين]:
ـ سئل فضيلة الشخ الفقيه / عبد العزيز ابن باز رحمه الله رحمةً واسعة:
سؤال: ماهي الأيام التي يكره فيها الصيام؟
الجواب: الأيام التي ينهى عن الصيام فيها يوم الجمعة حيث لا يجوز أن يصوم يوم الجمعة مفرداً يتطوع بذلك لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك وهكذا لا يفرد يوم السبت تطوعاً ولكن إذا صام الجمعة ومعها السبت أو معها الخميس فلابأس كما جاءت بذلك الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك ينهى عن صوم يوم عيد الفطر وذلك محرم، وكذلك يوم عيد النحر وأيام التشريق كلها لا تصام لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك إلا أن أيام التشريق قد جاء ما يدل على جواز صومها عن هدي التمتع والقران خاصة لمن لا يستطع العدي لما ثبت في البخاري عن عائشة رضي الله عنها وابن عمر رضي الله عنهما قالا: ((لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي)) أما كونها تصام تطوعاً أو لأسباب أخرى فلا يجوز كيوم العيد وهكذا يوم الثلاثين من شعبان إذا لم تثبت رؤية الهلال فإنه يوم شك لا يجوز صومه في أصح قولي العلماء سواء كان صحواً أو غيما للأحاديث الصحيحة الدالة على النهي عن ذلك والله ولي التوفيق [فتاوى إسلامية (2/ 168) جمع محمد المسند.
ـ وسئل فضيلة الشيخ / محمد بن صالح العثيمين حفظه الله تعالى عن هذه المسألة، فقال السائل:
سؤال: قال صلى الله عليه وسلم: ((لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم، فإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنب أوعود شجر فليمضغها)) رواه الخمسة.
وعن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كان أكثر ما يصوم من الأيام يوم السبت ويوم الأحد، وكان يقول: إنهما يوما عيد للمشركين، وأنا أريد أن أخالفهم)) أخرجه النسائي.
أفيدونا عن معنى هذين الحديثين جزاكم الله خيراً؟
الجواب: الحديث الأول هو عن صيام يوم السبت اختلف العلماء في تصحيحه فمنهم من صححه، ومنهم من ضعفه، والذين صححوه قال بعضهم: إنه منسوخ وقال بعضهم: إن النهي عن إفراده فقط، فأما لو صامه هو ويوم الأحد فلانهي في ذلك، وعلى هذا فلا يعارض الحديث الثاني، الذي فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أكثر ما يصوم هو يوم السبت والأحد.
وعلى كل حال فإن أهل العلم اختلفوا في صوم يوم السبت، فمهم من قال: إنه ليس بمكروه وأطلق، ومنهم من فصل فقال: إن أفرد فهو مكروه، وإن جمع مع يوم الأحد الذي بعده، أو يوم الجمعة الذي قبله فلاكراهة في ذلك وهذا هو الأقرب، والله اعلم. [فتاوى منار الإسلام (2/ 365 ـ 366).
خلاصة البحث
1 ـ يتضح مما سبق من أقوال أهل العلم والفقهاء أن صيام السبت مفرداً منهي عنه بنص حديث عبد الله بن بسر، وهو حديث صحيح، وقد أعل بما لا يقدح في صحته.
2 ـ وأما صيام يوم السبت مع يوم قبله أو يوم بعده فلاشيء فيه.
3 ـ وكذا صيامه إن وافق صوماً يصومه الإنسان كمثل من يصوم يوماً ويفطر يوماً، فوافق صيامه السبت، أو وافق يوم السبت عرفة أو عاشوراء ونحو ذلك مما تقدم بيانه بالتفصيل.
4 ـ أن العلة في المنع من إفراد السبت بالصيام تعظيم هذا اليوم وهو يوم يعظمه اليهود، وهذا العلة تزول بصيام يوم قبله أو بعده.
هذا آخر ماتم جمعه وتيسر نظمه في هذا البحث المختصر ..
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
¥