جميل أخي الكريم، إنني أعتبر أن ما ذكرتَه في ردك الأخير يعتبر رداً لما ذكرتُه هناك، و ردك الأخير رقمه 53، فهذا الذي ادعيتُه أنا صحيح، إذ انتظرتك 23 رداً حتى علقتَ على كلامي ذاك!!
(أقول: لقد نقلت كلام الطحاوي الواضح في انه كان يريد بالكراهة التحريم (في حديث أكل لحم الضب) كان المدلول واضحا بدون تكلفة , ثم عندما أردت أن تنقل كلامه على أنها يراد بها الكراهة التنزيهية تكلفت في ذلك فكلامك عليك لا لك أخي الكريم ,)
و أنا في الحقيقة لا أعرف كيف أبدأ الرد على هذا الفهم المقلوب لكلام الطحاوي!! و لكنني أبدأ بالقول إذا كان الأمر كما تقول و أن كلامه واضح في إرادة التحريم و أنني تكلفتُ في جعله للتنزيه فلماذا انتظرتَ ثلاثة و عشرين رداً كي تبين ذلك؟ هل هذه هي المباحثة؟
أخي الكريم إن الطحاوي أراد بالكراهة هنا ـ أي حديث الضب ـ أنها للتنزيه بيقين و هذا أمر لا يحتاج للتدليل عليه سوى عبارة الطحاوي التي نقلتُها لك فهي ناطقة بذلك لكنني للأسف أجدني مضطراً لشرح الواضحات!
فمذهب الطحاوي رحمه الله في الضب هو إباحة أكله و هو واضح منذ بداية طرحه للمسألة التي كان يرد فيها على حجج القائلين بالحرمة و حتى لا نطيل آتيك بما ختم به كلامه حول المسألة
شرح معاني الآثار [جزء 4 - صفحة 202]
" فثبت بتصحيح هذه الآثار أنه لا بأس بأكل الضب وهو القول عندنا والله أعلم بالصواب"
فهو في النقل الذي نقلتُه عنه يرد على من يستدل بكراهة رسول الله صلى الله عليه و سلم أكل الضب أنها للتحريم و يبين أنها للتنزيه، و هاكم النقل:
" فقال قائل [هو مخالف الطحاوي الذي يقول بالحرمة] ففي حديث ابن عمر رضي الله عنهما هذا ما يدل على كراهة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأكل لحم الضب قيل له [هذا رد الطحاوي الآن] قد يجوز أن يكون هذا على الكراهة التي ذكرها أبو سعيد رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه الذي قد رويناه عنه لا على تحريمه إياه على الناس ... "
فمخالف الطحاوي رحمه الله يستدل بكراهة الرسول عليه السلام لأكل لحم الضب على تحريمه فيرد عليه الطحاوي بأن هذه الكراهة قد يجوز أنها ليست على تحريمه إياه على الناس، فماذا تكون غير كراهة التنزيه؟
و لكن لا بأس طالما أنك أخي الفاضل ترى أنني (عندما أردت أن تنقل كلامه على أنها يراد بها الكراهة التنزيهية تكلفت في ذلك فكلامك عليك لا لك أخي الكريم ,) فانظر ما يقول الطحاوي رحمه الله
شرح معاني الآثار [جزء 4 - صفحة 198]
قال أبو جعفر [هو الطحاوي نفسه] ففي هذه الآثار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك أكله خوفا من أن يكون مما مسخ فاحتمل أن يكون قد حرمه مع ذلك واحتمل أن يكون تركه تنزها منه عن أكله ولم يحرمه فنظرنا في ذلك
فأنا عندما أتيتُ بكلام الطحاوي فإنما لأبين لك أنه رحمه الله يستخدم الكراهة للتحريم و يستخدمها للتنزيه، بل أكثر من ذلك أنه ينظر إلى كراهة الرسول عليه السلام أنها قد تكون للتحريم و قد تكون للتنزيه، و بغض النظر عن خلافنا حول " الأصل في الكراهة للتحريم " أم " الأكثر أنها للتحريم " حيث ثبت أنك لا تفرق بين الإثنين، فإن كلام الطحاوي رحمه الله واضح في أنه يطلق الكراهة على التنزيه كما يطلقها على التحريم، و هو ما أردتُه من النقل، فعندما تريد حمل قوله " فكرهوا " في السبت على " فحرموا " فعليك بالدليل، كما علي أن آتيك بدليل على أنه أراد التنزيه.
(كيف تريدني أن أوافقك في كلام الطحاوي على انه أراد به الكراهة التنزيهية وأنت تقول أن الصارف لها أمران الأول: أن الخلاف في هذه المسألة قديم قدم الخلاف حول صحة الحديث، و القولان المشهوران فيها هما الجواز و الكراهة , فكيف أوافقك وهذا هو موضع الخلاف بينى وبينك ,)
إذا قصدتَ أن موضع الخلاف بيننا هو إرادة الطحاوي كراهة التنزيه أم التحريم فلاشك أن هذا هو موضع الخلاف، و قد أتيتُك بقرينة تدل على أنه أراد التنزيه، فلا يكون رد القرينة بأن ترجعنا إلى موضع الخلاف بل ببيان بطلان دلالة هذه القرينة.
¥