أما إن أردتَ أن موضع الخلاف هو أن القولين المشهورين فيها هما الجواز و الكراهة فقد قلتَ في بداية بحثك (القول الثبت) " هذا وقد ذهب الأحناف، والشافعية , والحنابلة إلى كراهة الصوم يوم السبت منفردا، وخالفهم في ذلك الإمام مالك، فجوز صيامه منفردا، بلا كراهة." فليس بيننا خلاف على أن هذين القولين هما القولان المشهوران، أم ماذا؟
هذا مع كون الحجة في كلامي على القرينة على إرادته التنزيه ليست في الكلام السابق بل اللاحق الذي تحته خط -1 أن الخلاف في هذه المسألة قديم قدم الخلاف حول صحة الحديث، و القولان المشهوران فيها هما الجواز و الكراهة، فلا يتصور أن يهمل الطحاوي ذكر القول المشهور بالكراهة و ينقل القول بالحرمة الذي لم ينقل عن أحد قبله.
فكيف بالله عليك تستسيغ أن ينقل إمام كالطحاوي الخلاف في المسألة فيهمل ذكر أحد القولين المشهورين و يعمد إلى ذكر قول لا يكاد يذكره أحد ـ على فرض وجوده طبعاً ـ؟
(وعندما نقلت لك من كلام الألباني انه لا اجماع في المسألة قلت انه تغيير عن مسار البحث.)
أحسن الله إليك، لقد قلتُ ذلك حقاً لكنني لم أكتفِ بذلك كما تفعل معي بل ناقشتُ كلام الشيخ رحمه الله أنه لا إجماع في المشاركة 36 فلم ترد علي بحرف واحد!
و أضيف إلى ما كنتُ قلتُه هناك كلاماً من مشاركة الأخ الكريم أبو محمد المحراب رقم 11 ـ و هو الكلام الذي لم تتعرض له مطلقاً في ردك على الأخوة ـ
2 - قال أبو الحسن ابن القطان في كتابه "الإقناع في مسائل الإجماع" (1/ 231 - 232):
" وأجمعوا أن من تطوع بصيام يوم واحد ولم يكن يوم الشك، ولا اليوم الذي بعد النصف من شعبان
، ولا يوم الجمعة، ولا أيام التشريق الثلاثة بعد يوم النحر: أنه مأجور إلا المرأة ذات الزوج ".
وانظر مثله في: "مراتب الإجماع" لابن حزم (صـ:41).
مع هذا الإجماع يتبين أن الأمة مجمعة على أن هذا النهي الوارد في الحديث لا يمكن حمله على التحريم والحظر بالاتفاق ..
و معلوم أن ابن تيمية رحمه الله قد نقد مراتب إجماع ابن حزم فلم يعترض على هذا الإجماع الذي ذكره، فهذه دعوى إجماع في المسألة كما طلبتَ أخي الكريم تبعاً للشيخ رحمه الله، فهل لديك جواب عليها؟
(والأمر الآخر الذي اعتبرته قرينة على أن الطحاوي أراد بها التنزيه لا الحرمة هو: كما أنه لم ينقل القول بالحرمة عن أحد قبل الطحاوي فكذلك لم ينقل عن أحد بعده، بل و لم أجد أحداً في أي من الكتب التي تعنى بذكر الخلاف ينقل القول بالحرمة لا عن الطحاوي و لا عن غيره) , والرد فيها كسابقتها.)
حقيقة لا أدري معنى هذا الكلام، أقول لك أن أحداً من أهل العلم لم ينقل عن الطحاوي و لا عن غيره قولهم بالحرمة أو نقلهم القول بالحرمة عن غيرهم، مما يدل على أن فهم كلام الطحاوي " فكرهوا صوم السبت " على أنه للحرمة فهم متفرد لإمام من الخلف هو الشيخ الألباني رحمه الله لم يوافقه عليه من قبله من الأئمة مما يدل على بطلانه، فتقول لي الرد كسابقتها، و ما هو الرد في سابقتها أصلاً؟!
(, التوقف أخي الكريم عندما يكون المختلفين في نفس القوة , وهذا غير موجود هنا ... فمسألة الأكثر فيها كذا , والأقل فيها كذا , وأنت لم يتبين لك ما هو المراد منها , فهل تتوقف فيها , هذا ما يقول به عاقل ,)
غفر الله لك يا أبا سند، طالما أنه لم يتبين لك المراد منها فهذه المسألة بعينها يكون الاختلاف فيها في نفس القوة، بعبارة أخرى أنت الآن تعتقد أن السلف إذا قالوا مكروه فمن بين كل عشرة يعنون بواحد مثلاً أنه للتنزيه، فعندما يأتيك قول أحدهم عن أمر أنه مكروه و لم يتبين لك المراد فما يدريك أن هذا ليس هو الواحد الذي للتنزيه، فالتوقف هنا هو الصواب و إن عددتَ ذلك مما لا يقول به عاقل!
فكيف إذا كانت هناك قرائن على كون قوله هو للتنزيه؟
(وأما عن تفريقك بين العمل بالحديث , وفهم الحديث , فهذا أمر غريب أنت متمسك به جدا)
بل الغريب أن لا يفرق الإنسان بين فعل (عمل) و فعل (فهم)
, (وانظر إلى قول ابن القيم في كلامه السابق (وقال طائفة بل له أن يعمل به ويفتي به بل يتعين عليه كما كان الصحابة يفعلون إذا بلغهم الحديث عن رسول الله) انتهي , فكيف يفتي بهذا الحديث , إذا لم يكن يفهم معناه , الشيخ ابن القيم لم يفرق هذا التفريق العجيب.)
¥