بخلاف يوم السبت فثبت أن النبي - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ - أمر بصيامه لمن صام الجمعة ولم يصم الخميس ,
سبحان الله! أين ثبت هذا؟
فنقول أما أمره بصيام يوم السبت لمن صام الجمعة فهذا صحيح ,
بل غير صحيح! أين أمر النبي صلى الله عليه و سلم بصيام السبت لمن صام الجمعة دون الخميس؟ إن أراد الأخ الكريم حديث جويرية رضي الله عنها فليس فيه هذا الأمر بصيام السبت بل فيه الأمر بإفطار الجمعة ما دامت لا تريد صيام السبت!!!
•واما بخصوص ان النهي عن صيام يومي العيد قد شاع وذاع في الأخبار فهذا غير لازم , فان الكثرة ليست معيارا للصحة وعدمه فهذا خروج عن الموضوع؛
هذا الكلام على إطلاقه لا يصح، لأن الحديث الصحيح إذا شاع و ذاع و تُلقي بالقبول فإنه يزداد قوة و لهذا فإن أعلى درجات الصحيح هي ما اتفق عليه الشيخان و ما ذاك إلا لأن كتابيهما قد شاعا و ذاعا و تلقتهما الأمة بالقبول لذا فإن ما صح في أحدهما يقدم على ما كان على شرطهما مجتمعين في غيرهما.
من جهة أخرى فمن الذي جعل ذيوع أخبار النهي عن صيام العيد أو النهي عن صيام السبت معياراً للصحة أو عدمها؟
واما ان يومي العيد مجمعٌ على حرمة صيامهما ,وان السبت مختلف فيه فان هذا الأمر يجر إلى أمر أعظم منه ألا وهو عدم العمل بدلالة النص إلا إذا اجتمع أهل العلم على القول به، وهذا يعني تعطيل العمل بالكثير من النصوص لعدم الإجماع عليها؛ ذلك لأنَّكم فرقتم في الحكم بين حالتين متشابهتين لا لشيء إلا لكون إحداهما مجمعٌ عليها والأخرى مختلف فيها.
الأخ الكريم قال عند ذكر قول مخالفيه في التفرقة بين النهي عن صوم يومي العيدين و النهي عن صوم السبت:
(ثالثاً: النهي عن صيامهما قد شاع وذاع في الأخبار،و مجمعٌ على حرمة صيامهما , أما السبت فمختلف فيه.
فهذه الفروق تَرُدُّ على من أراد التسوية بين النهي عن صيام يومي العيدين وبين النهي عن صيام السبت.)
فهو ينسب لمخالفيه القول أن هذه الفروق ترد على من أراد التسوية بين النهيين، ثم هو يرد على أمر آخر رغم أنه هو من افترض هذا الفرض فتراه يقول: (واما ان يومي العيد مجمعٌ على حرمة صيامهما ,وان السبت مختلف فيه فان هذا الأمر يجر إلى أمر أعظم منه ألا وهو عدم العمل بدلالة النص إلا إذا اجتمع أهل العلم على القول به، وهذا يعني تعطيل العمل بالكثير من النصوص لعدم الإجماع عليها)
فهل في أهل الإسلام من يشترط الإجماع في مسألة ما حتى يُعمل بها؟
من جهة أخرى فإن الإجماع الصحيح دليل شرعي بذاته لا يحل لأحد أن يخالفه فمن خالفه بعد أن ظهر له فقد عرض نفسه للوعيد في قوله سبحانه و تعالى {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 115]
فالفرق بين المسائل المجمع عليها و تلك المختلف فيها بهذا الاعتبار ظاهر.
و رداً على سؤال
فمن قال بقولكم في هذه المسالة , ومن فهم من السلف أن هذا الحديث يدل على حرمة صيام يوم السبت.
قال الأخ الكريم:
وقد بين شيخ الإسلام ان الحديث لا يحتمل الا النهي
و هل قال أحد غير ذلك، هل قلنا مثلاً أن الحديث يحتمل الإباحة أو الأمر؟ فهلا قال الأخ الكريم (لا يحتمل إلا الحرمة)! أم خشي أن يَنسِبَ لابن تيمية قولاً يعلم الجميع أنه رحمه الله لا يقول به؟!!
الإشكال الكبير أن يظن بعض الأخوة أن العلماء الذين ناقشوا مسألة صيام السبت في كتبهم كانوا يأخذون بعين الاعتبار أن هناك من قال بالحرمة! و الإشكال الأكبر أن يظنوا أن هؤلاء العلماء كانوا يناقشون أدلة القائلين بالحرمة!
إن كل ما نقله الأخ الكريم إنما فيه قول ابن تيمية أو ابن القيم (النهي .. النهي) و ليس فيه الحرمة لا من قريب و لا من بعيد، فليعلم الأخ الكريم أن كل هذا النقاش الذي نقله عنهما رحمهما الله إنما يتعلق بالإفراد أو عدمه و لا علاقة له بالحرمة أو الكراهة البتة وهذا واضح لمن يقرأ الكلام حتى إن اقتصر على ما وضع الأخ تحته الخطوط، و و الله إنه لمن العسير شرح الواضحات لذا سأكتفي بتغيير لون ما يبين هذا الأمر الواضح من كلام الإمامين مما لم يضع الأخ الكريم تحته خطاً
¥