ـ[ناصف]ــــــــ[14 - 04 - 06, 11:06 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد كنت من اكثر المتابعين لهذا الحوار , والذي كان في الواقع من اكثر المواضيع التي اشكلة على كثير من الناس في هذا الوقت , غير انني اود ان ابين بعض المغالطات التى حدثة بين المتحاوريين والتى كان بسببها الخروج من هذا البحث بدون ما كان يرجى منه من بيان لهذا الحكم.
اولا: وقبل كل شى يجب ان يعلم المتحاورين ان هذا الحكم-حكم صيام يوم السبت- قد اختلف فيه خيرة علماء هذا العصر , الشيخ الالبانى وابن باز والعثيمين رحمهم الله جميعا , وعليه فلن يكون احد من المتحاوريين باكثر علما من هؤلاء العلماء , وانما هو لفتح باب النقاش بين الاعضاء , هذا اولا.
اما الامر الاخر فهو ان هناك بعض الاعضاء قد تدخلوا في هذا الحوار ولكن كان تدخلهم للاسف الشديد سببا في خروج هذا الحوار عن ما اريد له , فليت من كان هذا حاله آثر الخروج من الموضوع رحمة لنفسه ولاخوانه المتحاورين.
وبعد هذه الكلمات اود ان ادلي بدلوي حول هذا الموضوع وبما اني قد تدخلت في الموضوع متاخرا فلن يكون بوسعي ان اكتب في هذا الموضوع من البداية , ولكن على العكس من ذلك فسوف ابد بما انتهاء اليه البحث.
فاقول:
لقد جاء الاخ الكناني بشى غريب عندما حول ان يقيس النذر بصيام يوم السبت حيث قال:
قد يشكل هذا، فكيف يكون الإتيان بالعبادة على وجه مكروه يستلزم الأجر و الثواب؟
من المعلوم أن النذر عبادة من العبادات، و مع ذلك فقد ورد النهي عنه كما في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنه، و النهي إن لم يكن للتحريم فللكراهة، فأقل درجات النذر أنه مكروه و مع ذلك فمن أتى به وجب عليه الوفاء إن كان نذر طاعة و يؤجر حينئذ لأنه قد أتى بالواجب و يأثم إن ترك الوفاء.
فنقول: نعم هذا يشكل حتى على العلماء , فمن غير الممكن ان تكون عبادة من وجه , وهي مكروهة من وجه اخر , هذا الاشكال موجود فقط في صيام يوم السبت لمن يرى بكراهته منفرد , اما قياسك عليه بالنذر فهذا لم يفهمه احد من العلماء – فيما اعلم– بل كان لهم كلام مخالف لم جئت به.
قال الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ شرح كتاب ثلاثة الأصول:
(ودليل النذر قوله تعالى ?يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا? [الإنسان:7]) النذر: هو إيجاب المرء على نفسه شيئا لم يجب عليه، وتارة يكون النذر مطلقا، وتارة يكون بالمقابلة مُقيّد، والنذر المطلق غير مكروه، والنذر المقيد مكروه.
لهذا استشكل جمع من أهل العلم؛ استشكلوا كون النذر عبادة مع أن النذر مكروه، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول في النذر «إنه لا يأتي بخير وإنما يُستخرج به من البخيل» يقولون: إذا كان مكروها كيف يكون عبادة؟ ومعلوم أن العبادة يحبها الله جل وعلا، والنذر يكون مكروها كما دل عليه هذا الحديث، فكيف إذا كان مكروها يكون عبادة؟ وهذا الاستشكال منهم غير وارد أصلا؛ لأن النذر ينقسم إلى قسمين: نذر مطلق، ونذر مقيد. النذر المطلق: لا يكون عن مقابلة، وهذا غير مكروه، أن يوجب على نفسه عبادة لله جل وعلا بدون مقابلة، فيقول لله عليَّ نذر، مثلا يقول قائل: لله عليَّ نذر أن أصلّي الليلة عشرة ركعات طويلات. بدون مقابلة، هذا إيجاب المرء على نفسه عبادة لم تجب عليه دون أن يقابلها شيء، هذا النوع مطلق، وهذا محمود.
النوع الثاني المكروه: وهو ما كان عن مقابلة، وهو أن يقول قائل مثلا: إن شفى الله جل وعلا مريضي صُمْتُ يوما، إن نجحت في الاختبار صليت ركعتين، إن تزوجت هذه المرأة تصدقت بخمسين ريالا -مثلا- أو بمائة ريالا. هذا مشروط يوجب عبادة على نفسه، مشروطة بشيء يحصل له قدرا، من الذي يحصل الشيء ويجعله كائنا؟ هو الله جل وعلا. فكأنه قال إن أعطيتني هذه الزوجة، وإن يسرت لي الزواج بها، صليت لك ركعتين أو تصدقت بكذا. إن أنجحتني في الاختبار صمت يوما ونحو ذلك، وهذا كما قال النبي عليه الصلاة والسلام «إنما يُستخرج به من البخيل» لأن المؤمن المقبل على ربه ما يعبد الله جل وعلا بالمقايضة، يعبد الله جل وعلا ويتقرب إليه لأن الله يستحق ذلك منه، فهذا النوع مكروه. النوع الأول محمود، وهذا النوع مكروه.
¥