تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فلو جاز صيام السبت لغير الفريضة؛ لجاءت الاستثناءات كما جاءت في الجمعة ويوم الشك والنصف من شعبان؛ لمن اعتاد الصيام، والله-تعالى-أعلم.

لذلك أرى أن النصوص كانت على أصناف ثلاثة:

1 - صنف يفيد جواز صيام السبت مطلقاً، كما في حديث جويرية-رضي الله عنه- المتقدم: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمة، فقال: أصمت أمس؟ قالت: لا، قال: تريدين أن تصومي غداً؟ قالت: لا، قال: فأفطري)).

وكحديث عبدالله بن عمر-رضي الله عنهما- قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أحب الصيام إلى الله صيام داود؛ كان يصوم يوماً ويفطر يوماً ... )).

وهذا يفيد صيام يوم السبت مفرداً لغير فريضة؛ لمن صام صيام داود-عليه السلام-. إلى غير ذلك من النصوص.

2 - صنف يفيد استواء الطرفين، لا له ولا عليه؛ كما في حديث: عبيد الأعرج قال: ((حدثتني جدتي أنها دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتغدى، وذلك يوم السبت، فقال: تعالي فكلي، فقالت: إني صائمة، فقال لها: صمت أمس؟ فقالت: لا، فقال: فكلي؛ فإن صيام السبت لا لك ولا عليك)).

3 - صنف ثالث يفيد تحريم صيام يوم السبت إلا لفريضة وقد مضى في أول الكلام في موضوعنا؛ من حديث الصماء-رضي الله عنها-.

فكيف يكون التعامل مع هذه النصوص؟

إن من لم يصم السبت لغير فريضة؛ لم يعارض هذه النصوص أبدا، وهذا يتمشى مع القاعدة المعروفة ((الحاظر مقدم على المبيح.

[[قاعدة ((الحاظر مقدم على المبيح))،و ((القول مقدم على الفعل)) عند التعارض مما يذكره شيخنا-رحمه الله- في موضوع صيام السبت لغير الفريضة، وتحريم الشرب قائما لغير ضرورة.]]

جاء في كتاب ((الاعتبار)) للعلامة الحازمي-رحمه الله-ص39) إشارة إلى أنه في غير السبت: ((ولأن الإثم حاصل في فعل المحظور، ولا أثم في ترك المباح فكان الترك أولى)).

وقال رحمه الله (ص35) في وجوه الترجيح:)): ... أن يكون أحد الحديثين قولاً والآخر فعلاً، فالقول أبلغ في البيان؛ ولأن الناس لم يختلفوا في كون قوله حجة، واختلفوا في إتباع فعله، ولأن الفعل لا يدل لنفسه على شيء؛ بخلاف القول فيكون أقوى)).

ويكون قد نجا من عمل بلا ثواب ولا عقاب ((لا لك ولا عليك)).

وقال شيخنا- رحمه الله_ بعد حديث: ((لا تصوموا يوم السبت ... )).

والحديث ظاهره النهي عن صوم السبت مطلقاً إلا في الفرض، وقد ذهب إليه قوم من أهل العلم كما حكاه الطحاوي، وهو صريح في النهي عن صومه مفردأً، ولا أرى فرقاً بين صومه- ولو صادف يوم عرفة أو غيره من الأيام المفضلة- وبين صوم يوم من أيام العيد إذا صادف يوم الاثنين أو الخميس؛ لعموم النهي، وهذا قول الجمهور فيما يتعلق بالعيد؛ كما في ((المحلى) 7/ 27).

وقال السيخ محمود مهدي إستنبولي-رحمه الله_ في كتابه ((صوم رمضان)) (ص49): ((قلت: والحديث صريح في النهي القطعي عن صومه، ولم يشر إلى كونه منفرداً أو مخصوصا، فالحمل للحديث على ظاهره هو الأصل. والله أعلم)).

ويذكرنا شيخنا- رحمه الله- بقوله صلى الله عليه وسلم ((إنك لن تدع شيئاً لله عز وجل إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه)) فلا يحزنك أنك لم تصم عرفة أو عاشوراء إذا وافق السبت؛ لهذا الحديث.

ويحضرني في هذا المقام ما قاله البخاري-رحمه الله- في ((صحيحه))

((ما يذكر في الفخذ ... وقال أنس: حسر النبي صلى الله عليه وسلم عن فخذه وحديث أنس أسند، وحديث جرهد أحوط حتى يخرج من اختلافهم)). انظر ((الفتح)) (1/ 478).

وفي المسألة تفصيل أكثر، أكتفى بما ذكرت والله-تعالى-أعلم.

ولا ينبغي أن تؤدي هذه المسائل إلى التدابر والتباغض والولاء والبراء!

قال الذهبي في ((سير أعلام النبلاء)) (14/ 376) - بعد ذكر مسألة يرى فيها أن أحد الأئمة الأعلام قد أخطأ في اجتهاده-: ((ولو أن كل من أخطأ في اجتهاده-مع صحة إيمانه، وتوخيه لإتباع الحق- أهدرناه وبدعناه، لقل من يسلم من الأئمة معنا. رحم الله الجميع بمنه وكرمه)).انتهى كلام الشيخ حفظه الله تعالى.


ابو سند محمد
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى ابو سند محمد
إيجاد جميع المشاركات للعضو ابو سند محمد
إضافة ابو سند محمد إلى قائمة الأصدقاء

#123 03/ 06/06, 02:54 02:54:44 Pm
أبو البراء الكناني
عضو نشيط تاريخ الانضمام: 17/ 12/04
المشاركات: 158

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير